فارس الحباشنة
ازمة كورونا وازمة الامن الغذائي والموجة الاخيرة لارتفاع الاسعار العالمية افرزت وزراء اقوياء ، وزراء مؤهلون لادارة الازمات ، ووزراء لربما ان اداءهم لا يقاس بانطباعات الفيسبوك والسويشل ميديا ، والجمهور الذي يعرض احيانا الى التضليل والتمويه ، والتغرير .
و في وجهة نظري ، ان الحسابات الشعوبية وقياسها في مدى الرضا عن الحكومة والوزراء لحد ما غير موضوعية ومهنية ولا سياسية ايضا .. البلد تمر بازمات كبرى مفصلية ، وازمات خارجة عن مقدور ومقاس الاردن ، وازمات نتاج لتوابع وتداعيات نظيرها من ازمات اقليمية و عالمية كبرى ، وازمات تضع الوزراء تحت اختبار والقدرة على التعامل مع المتغيرات ، وخدمة المواطن ، وحماية الاقتصاد العام ، ومصالح القطاعات والمواطنين ، وصون الدولة وهيبتها وقداسة القانون .
ثمة وزراء انتاج للازمات ، وخرجوا من رحم الازمة ، ووزراء كانوا فوق التوقعات ، وفوق الرهان ، ووزراء كيفوا الظروف الجديدة والتحديات وصنعوا منها فرصة وفسحة امل وثقة ، وكانوا على قدر المسؤولية ومحط ثقة ورهان .
و في المقابل هناك وزراء طالعهم السيئ مقروء على جبينهم قبل ان يدخلوا الحكومة ، ووزراء كان الرهان كبير عليهم ، ولكنهم على كراسي الوزارة اخفقوا وباتوا هم عنوانا للازمة لا مفتاح لحلهم ومعالجتها ، وترميمها .
سر نجاح الوزير في تصفير الازمات على اختلاف احجامها ، وسياسة تصفير لا تناور وتراهن على الترحيل وتسفير الازمات ، ونقلها من حضن الى اخر ، واقفال باب السؤال عنها مرحليا لنقلها الى المربع الزمني التالي .
لربما احيانا نفقد الحقيقة والمعلومة عن اداء الوزراء ، وذلك لاننا لا نعرف ماذا يحدث داخل الوزارة ، ودور الوزير في حل واخماد الازمات والارتقاء بالخدمة الحكومية والسياسة العامة .
الوزراء هم من يمنحوا الحكومة القوة والضعف .. والوزراء هم فريق العمل من ينفذون سياسة الحكومة ويترجمون برامج التكليف ويتلقون الناس ، ويتابعون المشاريع والاستراتجيات ، ويرسمون السياسة العامة ومستجداتها .
فمن اين تربح الحكومة الرصيد الشعبي ، ومن اين تخسره ؟ الوزراء ، من يمسكون احبال سياسات الحكومة ويوصولها الى الشارع والشعب .. وفي الحكومة الحالية يسجل لوزراء الداخلية والزراعة والصناعة والتجارة ،و الاعلام ،والطاقة ، والصحة ، والسياحة دورا متميزا واستثنائيا .
و كما كشفت الازمات المتوالية عن قدرات في تضميد جراحها ، واشتقاق الحلول ، والتخفيف بقدر الامكان من التداعي والتوابع ، وخاصة في الملفات والقضايا الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية ، والصحية .
وزراء جبارون وحاضرون في الازمة ، ولا تغفل عيناهم في تحمل المسؤوليات وتوابعها . وكيف تكسب احترام وثقة الناس ؟ لربما هذا سؤال صعب الاجابة عنه في السياسة الاردنية . و تعرفون لماذا ؟ لأن ثمة وزراء هبطوا على الكراسي بالمظلات مؤمنون بان ثقة الناس تشترى وتباع من السويشل ميديا والاعلام المخادع والمنافق ، وهؤلاء من يفقدون الحكومات معاركها السياسة والشعبية .
وزراء ثقات نالوا محبة الناس في العمل والاقتراب من الناس ، ووزراء اجادوا لغة اسقطت اقنعة واسوارا وحواجز بين المواطن والناس والحكومة .. وعرفوا كيف يتحركون وكيف يصلون الى الناس ، وعرفوا دون تكلف ولا تصنع كيف يشيلوا حملا ثقيلا عن رئيس الحكومة ، وكيف يحمون ما تبقى من ثقة وامل وحب في وجد الناس للسلطة ومؤسساتها .
الوزير بقدر ما هو مطلوب منه صناعة و رسم سياسات عامة ، فهو مسؤول ايضا عن كل صغيرة وكبيرة في وزارته ، واحيانا كثيرة يغيب عن الناس حقائق واسرار كثيرة في عمل الوزراء ، وكيف تتخذ القرارات ، وما يجري في الدهاليز والكواليس ، وصناعة القرار ليست سهلة بقدر ما تحتاج الى ارادة وصبر وحكمة .
هناك وزراء كما ذكرت احدثوا فرقا في العمل الوزاري ، وزراء دون استعراضات ولا كاميرات تلفزيون وحروب سويشل ميديا حاربوا لانجاح سياسات الحكومة العامة ، وحاربوا من اجل خدمة المواطن والمجتمع ، وحماية الاقتصاد الاردني .
في الاعوام الاخيرة من كثر ما انتجت الحكومات وزراء، والله صرنا نتفاخر بالوزير الملتزم والقوي والحكيم ، وهي صفات نادرة في هذا الزمن السياسي الاردني القاسي .. ونحرص ايضا على الانحياز الى صف وزراء بمواصفات سياسة و بيروقراط وتكنوقراط من الواجب الدفاع عنها وحمل راياتها ليكونوا التيار الاقوى في معادلة الحكم والسلطة ودون تاثيرات قد تؤدي الى اضعافهم وتحجيمهم وتصغير شانهم .