سميح المعايطة
حتى تلك الأجيال التي لم تعش مرحلة وجود الشهيد وصفي التل وربما لم تقرأ الكثير عن سيرته وفكره وتجربته السياسية فإن وصفي يمثل حالة خاصة عند الأردنيين، وذكر اسمه يعني أمورا تتجاوز الإعجاب بشخصية سياسية استشهدت في معركة الأردن للبقاء والاستمرار إلى تفسير لرغبة الأردنيين في بناء علاقة قوية مع دولتهم من خلال نماذج من المسؤولين يتعاملون برجولة وصدق ونزاهة مع مواقعهم ومسؤولياتهم ومع الأردنيين.
وصفي التل الشهيد والأردني الذي يشبه الناس ليس ملكا لأي تيار أو مجموعة بل هو حالة وطنية عبرت في مرحلة حياتها عن نموذج للمسؤول التنفيذي السياسي الشجاع وصاحب القرار بمنطلقات نزيهة، ويعبر اليوم عن حاجة لدى الناس في تكرار النموذج سياسيا وخدماتيا.
وحتى الذين لايتحدثون عن وصفي التل فإنهم يبحثون عن أشخاص بمواصفاته، حيث يريد الناس مسؤولا سياسيا صاحب فكر تنموي وسياسي، ويبحثون عن مسؤل يقترب من الناس في كل مكان دون أن يشعر بالغربة معهم، وعن انسان نزيه بتلقائية وليس عبر مظاهر نزاهة تخفي وراءها غير ذلك.
ومع كل المكانة الرفيعة للشهيد وصفي لدى الأردنيين الا ان جزءا من الوفاء له أن لا نظلم الأردن الذي فيه الكثير الكثير من نماذج الرجولة والخير والنزاهة، وان وصفي بكل ما ترك من إرث سياسي وتنموي ومات شهيدا الا ان قائمة من يستحقون أن نذكرهم ونقدمهم نماذج لأنفسنا واجيالنا في زمن يتكاثر فيه الإحباط من النماذج الرديئة.
رحم الله وصفي وكل مواكب الشهداء الذين آمنوا بالدولة الأردنية وقدموا لها ما استطاعوا، وكان فعلهم وليس غير ذلك دليل وطنيتهم، وتركوا دماءهم تشهد على صدقهم.