سهير جرادات
من قال لكم: إننا مُلك لأحد …. نحن شعب لا يملكه أحد .. نحن ملك لله والوطن .. أرواحنا يملكها من خلقها .. نحن مُلك للخالق .. نحن من نملك البلد ولا يملكنا أحد .. نملك ثباتكم واستقراركم وأمنكم وأمانكم ورزقكم .. أنتم من تعتاشون من قوتنا وخيرات بلادنا .. أيها الفاسدون الخائنون المجرمون بحق وطن نحن عماده .. أنتم لا تملكوننا .. ونحن لسنا متاعا ليملكنا أحد .. يكفيكم متاجرة بنا وبأرواحنا وبمصائرنا .. فنحن الوطن والوطن نحن..
نعم ، أنتم تمتلكون حق التحكم بصمام الأوكسجين، وبإهمالكم خُنتم الوطن.. وارتكبتم جريمة بحق المواطن، الذي لجأ للمستشفيات أملا بالشفاء، إلا أن الموت كان بانتظاره، بعد أن قررتم اغلاق الصمام؛ لتتخلصوا منه خنقا حتى الموت .. وبعدها ذرفتم الدموع عليه ، وحملتوه مسؤولية الإصابة واللجوء للمستشفيات للعلاج، الأمر الذي اضطركم لقطع أنفاسهم .. وفي نهاية المطاف تبادرون بالاعتذار بأنكم خجلون من قتلهم خنقا حتى الموت ..
ونحن أيضا علينا حق الاعتذار من ( شهداء الأكسجين )، لتراخينا الذي أوصل عديمي الكفاءة للمناصب .. وأن نعتذرعن صمتنا على التركيبة الغريبة لتشكيل الحكومات، ووقوفنا متفرجين عند اختيار المسؤولين بهذه الطريقة العقيمة .. وعن ديمقرطيتنا المفقودة وغياب المساءلة .. حتى تجرأوا على أمننا وأماننا الذي طالما تغنينا به ونسعى للحفاظ عليه، لنكتشف بأن أمننا لا يتنفس، وأماننا قطع عنه الاكسجين ..
في كل حادثة كارثية يشهدها الوطن نتأكد بأنه لا قيمة للشعب كما حدث في: ( فاجعة البحر الميت، سيول وفيضانات ضبعة ومليح ، نقص خزانات الاوكسجين ، حوادث السير على الطريق الصحراوي، سيول وسط البلد …)، ونقف عند حقيقة أننا لسنا إلا مجرد رقم للتعداد السكاني .. أو عدد عند صناديق الانتخابات .. ورقم عند محصلي الضرائب .. ولإحصاء نسبة الفقر والبطالة .. ولتسديد عدادات الماء والكهرباء.. وفي النهاية، نصل إلى حقيقة مفادها أن حياتنا آخر همكم .. لأنكم تستكثرون علينا حق النفس .
نحن شعب لا نخون وطننا.. بل أنتم من تخطئون وتجرمون بحقنا وبحق الوطن .. والخطأ والخيانة وجهان لعملة واحدة .. وكما قال الأيقونة الأردنية الشهيد وصفي التل : عندما يتعلق الأمر بالوطن ( لا فرق بين الخيانة والخطأ ) .. أيها الخطاؤون كفوا ايديكم عن الفساد في الأرض .. كفوا أيديكم عن الوطن.
عذرا يا شهداء الأوكسجين والهواء والنفس لأن الفاسد في بلدي يكافأ .. وقرر موتكم لمجرد أنكم أصررتم على أخذ حقكم في التنفس .. فأنتم بالنسبة لهم شعب ميت .. إما “ميت من الجوع ” رغم أنك على قيد الحياة ..وإما ” ميت “على يد الفساد والإهمال.. خنقا حتى الموت ..