أ. سعيد ذياب سليم
طُرحت أسئلة كثيرة حول منهاج الرياضيات وشكله المطوّر ، ما هي أوجه الاختلاف و التشابه بين المنهاجين القديم والحديث؟ هل من جديد يشتمل عليه؟ ماهي الأهداف التعليمية التي سيحققها في القرن الواحد والعشرين؟
من ينظر في التاريخ يدرك ثراء و تنوع النشاط الرياضي على مدار التاريخ الانساني، ويرى حاجة المجتمعات المتحضرة إلى الرياضيات لتقوم بأنشطة تتطلَّب نوعًا ما من القياس أو الحساب، ومع زيادة الثروة والتجارة والتنقل، و تزايد حياة المجتمعات تعقيدا صارت متطلباتها الرياضية أكثر تعقيدا، لم يعد الاعتماد على الحساب والهندسة فقط بل تجاوزه إلى مباحث رياضية حديثة كحسابي التفاضل والتكامل.
كان يحلو لنا سماع قصة الهندسة ونحن على مقاعد الدراسة، يأخذنا معلمنا في رحلة خيالية إلى ضفاف النيل، و ما بين دجلة والفرات، زمن الحضارات القديمة ، عندما كان يهدد فيضان النهر حياتها، وكيف يعمل على تغيير المعالم الأرضية والحدود التي تميز الممتلكات، مما دفع الانسان ليبتكر نظريات الهندسة المستوية، وعلى رأسها نظرية فيثاغورس، التي استخدمت في إقامة المعابد و السدود و مذبح المعبد.
تعلمنا النظريات المختلفة للهندسة من كتاب ” العناصر” لإقليدس الذي بقي يُستخدم في تدريس الهندسة المستوية في المدارس سنوات طويلة في القرن العشرين بل ما زالت محتوياته : المثلثات و إنشائها و تقسيم الزاوية تُدرّس لتلاميذ المرحلة الأساسية حول العالم، كما أنه مهّد الطريق لاكتشاف الهندسة غير المستوية-الكروية مثلا.
من العلامات المميزة في تاريخ الرياضيات أيضا؛ كتاب “الحساب” لـ “ديوفانتس السكندري” ، كتاب “الجبر والمقابلة ” للخوارزمي، الذي قدم الجبر والنظام العشري لأوروبا. أعمال اسحاق نيوتن ومساهمته في ابتكار حساب التفاضل.
لم تتوقف المسيرة عند هذه المحطات، استمر تطور الرياضيات البحتة والتطبيقية، وقامت بقفزات سريعة خلا ل الحرب العالمية الثانية، نشأ عنها صنع أجهزة جديدة ذات قوة جبارة، فائقة السرعة، للحرب والسلم، كان من أهمها الثورة الالكترونية و الاتصالات.
ها نحن أبناء القرن الواحد والعشرين، نعيش هذه الثورة التكنولوجية، التي تضع تحديات جديدة أمامنا، تتمثل في اعداد أفراد قادرون على التعامل مع الرياضيات المتقدمة والحاسب الآلي وحل المشكلات واتخاذ القرارات، تفرض تحديا آخر هو حماية المجتمع من سيطرة التكنولوجيا على الحضارة و المجتمع وقد انهارت الحدود أمامها.
هل يلبي المنهاج ذلك ؟
المتصفح لكتاب الرياضيات الجديد ،للصف الثاني عشر للفرعين العلمي والصناعي، يرى فيه الموضوعات التي تُمهد وتُعد الطالب للدراسة الجامعية، انسجاما والبرامج العالمية. حيث يشتمل على ست وحدات ، الفصل الدراسي الأول يشمل: النهايات والاتصال، والتفاضل، وتطبيقات التفاضل، حذفت النهاية في اللانهاية، عاد الاهتمام بنقاط الانعطاف ومجالات التقعر وهي من خصائص الاقتران. استخدم مصطلح معدل التغير، في الموضع الذي درج استخدام متوسط التغير فيه في المنهاج القديم، الفصل الدراسي الثاني يشمل: التكامل و تطبيقاته ،والقطوع المخروطية، والإحصاء والاحتمالات، التي لها أهمية حياتية، ودراسية لإجراء الأبحاث وفهم الواقع، واتخاذ القرارات، من خلال معرفة الارتباط وبعض قوانين الاحتمالات.
أنيق في عرض المادة التعليمية، تنسجم الألوان و الخطوط مع الطباعة، ترتاح له النفس، اعتمدت طرائق رياضية مختلفة في تقديم المحتوى، كالاستقراء وحل المشكلات ، يقدم رسوما ومنحنيات استدلالية واضحة، يعطي المجال للطالب لاختبار مهارته من خلال التدريبات والمسائل التي أعيدت صياغتها وأضيف لها عدد من الأفكار الجديدة بحيث تنمي مهارة الاتصال و التفكير الرياضي.
أما كتاب الرياضيات للفرع الأدبي، روعي فيه استخدام الرسوم التوضيحية والمنحنيات و الألوان في عرض المادة، يتكون من خمس وحدات: يضم الفصل الأول النهايات والاتصال، التفاضل، وتطبيقات التفاضل، حذف الاشتقاق الضمني وتطبيقاته ، والفصل الثاني يضم التكامل وتطبيقاته ، والاحصاء والاحتمالات.
تقاربت موضوعات الكتابين، والقوانين و المهارات المطلوبة، بالتالي لن تكون هناك مسافة معرفية كبيرة بين طالبي الفرعين الأدبي والعلمي .
قامت وزارة التربية والتعليم بتوفير الكتب المطورة ومنها كتب الرياضيات على موقعها، بالصيغة الالكترونية pdf، يمكنك تنزيل الكتب والاطلاع عليها، و تصفحها بشكل مرن ، نقطة انعطاف ،تنسجم مع ميل الطلبة للتعامل مع الحاسب الآلي و هواتفهم الذكية وهي سمة العصر ، وتساعد المعلم في تحضير درسه و أوراق عمله، وإنشاء ملفاته الالكترونية، وتحقيق أهدافه.