شفيق عبيدات
عندما تعرض وطننا الاردن في فترة الخمسينات والستينات الى محاولات التشكيك والاضعاف وحتى الاجهاز لم يكن للدولة الاردنية صحافة مملوكة للحكومة تدافع عن الوطن والمواطن ترد على كل الاتهامات التي كانت تكال زورا وبهتانا من قبل اعلام وصحافة بعض الدول العربية وحتى بعض الصحف المحلية المرخصة من قبل الحكومات .
وفي اواخر الستينيات من القرن الماضي وخاصة بعد خروج الاردن من حرب عام 1967 , تعرض الوطن للفوضى ولم يستطع ما تبقى من الصحافة الخاصة والاهلية الدفاع عنه والتزمت الصمت نتيجة الضغوط التي كانت تمارس ضدها من قبل التنظيمات المسلحة وتقلصت اخبار الدولة واصبحت ثانوية .
وازاء كل ذلك ارتأت الدولة الاردنية انشاء صحافة مقروءة ومطبوعة عندما وجدت ان الصحافة الاهلية عاجزة عن الدفاع عن الوطن ومؤسساته فصدر القرار المهم بان يكون للدولة الاردنية اعلامها الرسمي بارادة ملكية سامية بان يتم تأسيس وكالة الانباء الاردنية الرسمية لتكون ذراع الدولة الصحفي والاعلامي بالتعاون مع اذاعة المملكة الاردنية الهاشمية والتلفزيون الاردني حيث انطلقت وكالة الانباء الاردنية بتاريخ 16/7/1969 , وبدأت اخبارها الصحفية بتصريح للمغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال الذي خص الوكالة بانطلاقتها الاولى وكان هذا التصريح الخبر الاول الذي بثته الوكالة الى المشتركين آنذاك .
وبدأت مسيرة الوكالة بان كانت كل الاخبار الرسمية حكرا عليها, واصبحت الوسيلة الاعلامية الاولى في الاردن التي تعتمد عليها وسائل الاعلام الاخرى العاملة في الاردن منها وكالة ( رويترز ) العالمية وارادها مديرها العام المرحوم معالي محمد الخطيب المؤسس الاول لها بكادرها الذي لم يتجاوز الـ (15) صحفيا، ان تبقى الاولى في الاعلام وان يكون خبرها الاول دون غيرها, وامتد طموح المرحوم محمد الخطيب ان قام بتأسيس اول مكتب للوكالة خارج الاردن في العاصمة اللبنانية ( بيروت) عام 1971 وهذا المكتب كان نقطة انتشار الوكالة على مدى عشرات السنين الماضية وافتتحت لها مكاتب لها واعتمدت مراسلين في كل من القاهرة ودمشق والضفة الغربية وغزة وبغداد وتونس ولندن ونيويورك وواشنطن وباريس وبون وافغانستان وباكستان وجنوب افريقيا وموسكو هذه المكاتب والمراسلين الصحفيين كانوا يزودون الوكالة يوميا بالأخبار العالمية والعربية التي تنسجم مع سياسة الوكالة في نشر اخبارها .
ونقول للمشككين بدور واهمية وكالة الانباء الاردنية أن الوكالة ليست محلية تنشر فقط اخبار المؤسسات الرسمية وقضايا المواطنين بل انتشرت عربيا وعالميا وكانت من اوائل الوكالة العربية عضوا مؤسسا في اتحاد وكالات الانباء العربية وعضوا في اتحاد وكالة الانباء العالمية ولا تزال تمارس مهام عضويتها بكل اقتدار ولم تتخلف ولا مرة عن أجتماعات اتحاد وكالات العربية وكانت تسهم في اختيار رئيس وامين عام الاتحاد في الانتخابات التي كانت تجريها حسب نظام الاتحاد الداخلي .
لم تتراجع الوكالة عن دورها الوطني ولم تضعف بل لا تزال تحتكر الخبر الرسمي بشكل اساسي كما كانت على مدى ٥٣ عاما الا ان التطور التكنولوجي الذي دخل في صناعة الصحافة والاعلام واصبح للوكالة منافسين مثل وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الصحفية الالكترونية , وتعدد المتعاملين مع المعلومة الصحفية , فان المراقب اصبح يعتقد ان الوكالة تراجعت في عملها المهني.
وقبل ظهور هذه الوسائل الجديدة كانت وكالة الانباء الاردنية الوسيلة الاعلامية والصحفية الوحيدة المزودة للخبر الرسمي وغير الرسمي لوسائل الاعلام الاخرى مثل التلفزة والاذاعات والصحف بحيث لم تجرؤ هذه الوسائل على نشر اي معلومة صحفية اذا لم تردها من وكالة الانباء الأردية .
فالوكالة لا تتعامل مع فنون الصحافة يوميا فقط , بل هي تمتلك مخزونا من المعلومات الصحفية الاخبارية والمصورة , ولديها ارشيفا إلكترونيا يتم من خلاله ادخال المعلومات الصحفية وصور المناسبات واسترجاعها وهي مرجعا مهما يحفظ تاريخ الاردن منذ تأسيسها يوم 16/7/1969 , ويعد ارشيفها المعلوماتي مصدرا للدارسين والباحثين وطلبة الجامعات .
ولأنني من اوائل الصحفيين العاملين في الوكالة وانهيت عملي بعد (37 ) عاما فلا بد من ان ابارك للوكالة وللزملاء العاملين فيها عيدها ٥٤ الذي يصادف يوم 16/7/2023 مع التقدير لهم على جهودهم لتبقى الوكالة صاحبة الخبر الاول مهما تغيرت الظروف.