بلال أبو الهدى
يحكى أن امرأة فقيرة حلمت بامتلاك حلق من الذهب، تزين به أذنيها مثل النساء الثريات التي لم يجعلها رزقها الذي رزقها الله إياه (عكس المقصودين في مقالتنا) ولا حظها لتكون منهن، فقررت الإدخار ولو على حساب حرمان نفسها من ملذات الحياة فوضعت القرش على القرش حتى جمعت ثمن الحلق واشترته ولبسته في أذنيها. وعندما عادت إلى البيت والفرحة تكاد لا تسعها ولم تصبر حتى تدخل دارها البسيطة فوقفت تتحسسه بسعادة غامرة حيث كان فى الحلق خرزة حمراء وكما هو معلوم الطيور الجارحة تهوى اللون الأحمر. ففي ذات يوم، شاهد الغربان لون الخرزة فانقض غرقانين على كل غراب على فردة من الحلق بسرعة واختطفاها منها وطارا، فصرخت المرأة المسكينة وهي تقول: “يا فرحة ما تمت خدها الغراب وطار”. وصار المثل يضرب لخيبة الأمل بعد الفرح الشديد والمؤقت وقصير المدة، وهذا ينطبق على ما خطط له وكان يأمل بتحقيقه بنيامين نتنياهو ومن معه من قادة أمريكا والدول الأوروبية بالخصوص ودول الناتو بشكل عام وبسهولة وهو القضاء على حركة حماس في عدة أيام أو ربما أسابيع في قطاع غزة ومن ثم تفريغها من أهلها إلى سيناء والسيطرة على غزة بالكامل وساحلها وما يوجد اسفله من مخزون عالمي كبير جدا جدا من الغاز والنفط. وكان قادة دولة الكيان وممن ذكر معهم قد وضعوا المخططات وقدروا التكاليف لذلك ولإعادة بناء قطاع غزة من صفر واطلقوا على مخططهم “غزة في عام 2030” بحيث تكون أفضل بأضعاف مضاعفة من دبي في الإمارات العربية المتحدة.فقبل أن يتم لبس الحلوق في آذان قادة الدول المذكورة (وهذه الأيام يلبس الحلق الرجال كما تلبسه الإناث وبالخصوص في الدول الغربية) والفرح فيها كما فرحت المرأة الفقيرة. كانت استخبارات المقاومة الإسلامية حماس الفلسطينية في قطاع غزة قد اخترقت أنظمة حماية معلوماتهم العسكرية والتي غاية في السرية واكتشفت تفاصيل ما خططوا له لحركة المقاومة حماس وهو القضاء عليها ومن ثم تدمير البنية التحتية لقطاع غزة بالكامل وتفريغه من اهله وإعادة بنائها كما ذكرنا لتكون أكبر مركز تجاري إقتصادي في الشرق الأوسط، على أن تدار من قبل حكومة مدنية تحت أوامر حكومة الإحتلال. مما جعلنا نكتب هذه المقالة بعنوان هذين المثلين. علما بأن نتنياهو تحدث عن هذا المخطط في الأمم المتحدة وليس بتفصيلاته وتوقيتاته التي حصلت عليها استخبارات حركة حماس. وقد زادت الحرب الروسيا الأوكرانية التي بدأت بتاريخ 24/2/2022 ودائرة حتى تاريخ كتابة ونشر هذه المقالة وهددت روسيا الدول الأوروبية والناتو بقطع الغاز والبترول الروسي عنهم الذي يعتمدون معظمهم عليهما. وكان نتنياهو واثقا كل الثقة مما خطط له وسوف ينفذه، إلا أن السحر إنقلب على الساحر وطار حلمه وحلم من معه مع الغربان. وليكونوا جميعا على يقين أنه ما عادت أمور الشعوب تدار من قبلهم كما كان في السابق والزمن الماضي الذي كانوا يتغنون به كما يشاؤون ولى وإنتهى.
دخول