سهير جرادات
(يختي عليكم)
صدقا “يختي عليكم” وعلى قراراتكم ، التي انتظرها المواطن على مدار أيام منذ الإعلان عن مقدار عجز الموازنة البالغ 45 مليون دينار، والتي جاءت بعد جدال وصراعات واسعة بين الشعب وممثليهم من جهة، وبين قرارات ممثلي الحكومة.
تتضح الصورة أنها تستهدف المواطن وجيبه ، وتحافظ على ما في جيوب أعضاء الحكومة ممثليهم،وإن طالهم بعض الضرر، ليس أكثر من المس بنسب بسيطة لا تضر بمصالحهم ، والأعظم عدم المساس بحقوق الفاسدين أو حتى التفكير في استرداد أموال الشعب التي ثبتت بموجب محاكمات أنها أخذت بغير وجه حق .
جميع القرارات والتدابير المتخذة والتي تمس المواطن ولقمة عيشه تؤخذ بكل جسارة وكسارة عين ، أما تلك التي تُتخذ بحق أصحاب المصالح فإنها تؤخذ على استحياء مع تعظيمها ، من خلال ايجاد عبارات رنانة تأخذ صدى أكبر من حجمها، ومن قيمة المبالغ المحصلة من تلك القرارات.
على مدار اسبوع ، ونحن في حالة شد وجذب لصالح الدينارين التي كان مزمع فرضها من قبل الحكومة على مستخدمي ( الواتس آب والفايبر ) ، قبل أن تصل الدعوة لإغلاق الهواتف المحمولة احتاجا على سياسة فرض ضرائب جديدة على الاتصالات، إلى أن تراجعت الحكومة عن قرارها.
كما شهدنا حملة لمقاطعة مادتي بيض المائدة والبطاطا لارتفاع أسعارهما ، وبإذن الله تنجح أي مقاطعات تمثل رفض العامة لقرارات مجحفة بحقهم من قبل أشخاص هم كانوا إلى وقت قريب منهم ، إلا أن الكراسي غيرتهم ، وغيرت نفوسهم بطريقة حولتهم إلى معادين للطبقة التي ينتمون إليها ، بعد أن امتلأت جيوبهم ، وأتخمت كروشهم وغَرتهم الكراسي ، وعمت المناصب عيونهم،وأغلقت على حناجرهم المكاسب ، وصمت الأنا على آذانهم ، وتحجرت قلوبهم التي لم تعرف طعم الحب إلا حب نفسها .
وتماشيا مع التوجهات الملكية ، وفي ضوء السياسة الحكومية الرامية إلى خفض الانفاق ، خرج علينا مؤخرا قرارهزيل يقضي باقتطاع 10% من رواتب موظفي القطاع العام التي تزيد عن ألفي دينار، للعاملين في القطاع العام، بما فيهم الوزراء ورئيسهم .
كعنوان لقرار جاء مثلجا للصدر ، إلا أن ذيله يُظهر أن الاقتطاع لما زاد عن الالفين ، ونهايته أكدت غياب حسن النوايا الحكومية ، بعدم احتساب نسبة الاقتطاع التي لا يستهان بها ، إذ يأتي السؤال ، لماذا هذا الخوف من الافصاح عن مقدار المردود من هذا القرار على خزينة الدولة ؟
ربما إنه خوف من الكشف عن اعداد الحاصلين والمتمتعين بالرواتب المرتفعة من الخزينة ، والتي تصل إلى 18الف دينار .
إن الشفافية والإفصاح يظهران حقيقة الامور ، واجتزاء الحقائق وإخفاء الأجزاء بدل التسترعلى الواقع ، والأمر لا يتوقف عند هذا القرار ، بل تبعه قرار تحديد سقف للرواتب على أن لا يتجاوز 3500 دينار شهريا ، وقرار آخر يقضي بتحويل جميع البدلات والمكافآت وأي مستحقات يتقاضاها ممثلو الحكومة في المؤسسات والشركات إلى صندوق خاص في وزارة المالية بحيث يتم توزيع الأموال المحصلة على جميع الممثلين بالتساوي ، ودون الاشارة إلى مقدار هذه المكافآت أو حتى أي أرقام تتراوح بينها ، واكتفى القرار الاشارة إلى المادة والقانون .
هل كل هذه الضبابية ، خوفا من أن يعرف المواطن مقدار الموظفين من أصحاب الرواتب المرتفعة !، والتي تعتبر مقارنة برواتهم أرقاما فلكية والأهم مقابل ماذا؟ وخاصة أن هذه الوظائف ذات الرواتب المرتفعة يتم تخصيصها لحملة الرموز والكودات التابعة لشلل معينة تفتح مقدرات الدولة أمامهم للتمتع بها وبخيراتها وتحريمها على الآخرين .
إن الخوف من الكشف عن الحقائق ، يكشف مقدار الفساد ، لأنه إذا كشفوا إنكشفوا.