
ينال البرماوي
من المرات القلائل التي يتم فيها وبسرعة انجاز المراجعة مع صندوق النقد الدولي بشأن برامج الاصلاح الاقتصادي بعدما كانت تشهد في سنوات سابقة حالة من النقاش والجدل لفترات طويلة أحيانا بين بعثات الصندوق والجهات الحكومية ذات العلاقة حيال بعض البنود ذات الصلة بتطوير الوضع الاقتصادي ومعالجة مشكلات أساسية وخاصة ما يتعلق بتعزيز الايرادات وتقليل أو الغاء الدعم المقدم لسلع أو خدمات أساسية.
مراجعات استغرقت جلسات وأكثر من زيارة لخبراء الصندوق الى المملكة حتى يتم التوافق بين الجانبين في الوقت الذي يتفاعل فيه الشارع مع تلك الزيارات وما يتسرب أو يتمخض عنها من نتائج كون الصندوق غير مرحب به عالميا ومحليا اذ ارتبط بالاذهان علاقته بارتفاع الضرائب والأسعار والغاء الدعم.
الصندوق وحسبما أعلن الجمعة الماضية « 18/4/2025» أعلن عن توصله لاتفاق مع الأردن بشأن المراجعة الثالثة لبرنامج الاصلاح الاقتصادي مدعوما باتفاق تسهيل الصندوق الممتد والذي تم اقراره بداية العام الماضي.
حمل بيان الصندوق جملة من المعطيات والمؤشرات المالية والاقتصادية التي تؤكد منعة الاقتصاد الأردني وقدرته على مجابهة التحديات ومقاومة الظروف الطارئة والتعامل بالشكل اللازم مع التحديات والضغوطات على الموازنة العامة والتداعيات السلبية للظروف الجيوسياسية العالمية والاضطرابات وارتفاع متطلبات الانفاق على مجالات أساسية الى جانب الأعباء الناتجة عن استضافة حوالي 1.3 مليون لاجئ سوري.
جاء في البيان «أن الاقتصاد الأردني يستمر في اظهار المنعة مع الحفاظ على الاستقرار على مستوى الاقتصاد الكلي بالرغم من التأثيرات الخارجية الكبيرة المعاكسة الناجمة عن النزاعات في غزة ولبنان وتزايد حالة عدم اليقين وذلك بفضل سعي الجهات المعنية في الأردن الدؤوب لاتباع سياسات اقتصاد كلي سليمة».
بخلاف التوقعات وقياسا على حجم حالة عدم اليقين عالميا والتوترات التجارية وعدوان الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة وتداعيات جائحة كورونا التي ما تزال ماثلة فإن الاقتصاد الأردني يتجه وبشهادة الصندوق لتحقيق معدل نمو متسارع يتوقع أن يبلغ 2.7% العام الحالي 2025 وأن يتجاوز 3% في السنوات اللاحقة الى جانب السيطرة على معدلات الدين العام ونجاح الحكومة بتحقيق وفر مالي بنسبة 40% من أعباء خدمته.
ويدعم النمو قطاعات أساسية مثل السياحة والسوق العقاري والاستثمار وتحويلات المغتربين الأردنيين في الخارج وكذلك الاقتراب من البدء من تنفيذ مشروعات استراتيجية كبرى بخاصة مشروع الناقل الوطني للمياه كذلك تنامي العلاقات الاقتصادية المنتظر مع سوريا والعراق.
كما تظهر أنشطة اقتصادية ومالية أداء ايجابيا واضحا من خلال الأرباح المتحققة عن أعمال الشركات المالية والصناعية وغيرها العام الماضي وخاصة البنوك وقطاعي التعدين والاتصالات وكذلك تسريع العمل برؤية التحديث الاقتصادي وبرنامجها التفيذي وما تشتمل عليه من مستهدفات لزيادة النمو والحد من الفقر والبطالة وزيادة الجاذبية الاستثمارية للمملكة.
شهادة الصندوق وما ورد من حقائق رقمية تساهم في ايجاد وتعزيز صورة الاقتصاد الوطني وقدرته على تجاوز الظروف الراهنة وتحفيز المستثمرين وتنشيط بيئة الأعمال اضافة الى زيادة القدرة على ادارة الدين العام وتوفير فرص العمل.
ــ الدستور