اسعد العزوني
صحيح أن الدولة وبمرسوم أنهت الأحكام العرفية التي كانت مفروضة على الشعب لسباب مختلفة ومختلف عليها ،إلا أن هذا الشعب المنكوب بسياسات الخصخصة ،ما يزال يعاني من الأحكام العرفية التي لا تقارن أصلا بالأحكام العرفية التي فرضتها عليه الدولة في مرحلة ما.
منذ سريان مفعول سياسة الخصخصة الخاطئة وبالتحديد خصخصة قطاعي المياه والطاقة السياديين ،والمواطنون يعانون من إرتفاع فواتير المياه والكهرباء ،فأنا على سبيل المثال كنت أدفع 6 دنانير عن كل دورة مياه ونحو تسعة دنانير شهريا لفاتورة الكهرباء ،لكن الخصخصة حولت هذه الأرقام المتواضعة إلى أرقام فلكية ،وتم رفع الدورة المائية إلى نحو خمسين دينارا ،فيما تزيد فاتورة الكهرباء الشهرية عن الخمسين دينارا.
لا شك ان هذا التحول في الأسعار ولا أقول في الخدمات قد أرهق المواطن ،وأصبح من المحرضين على سياسات الحكومات المتعاقبة، التي أقرت الخصخصة بواقعها المغلوط الحالي ،فالخدمات المقدمة للمواطنين ليست ممتازة ،بينما الأسعار التي يتم تحصيلها بطرق لا نعرفها ممتازة للمستثمرين الأجانب بطبيعة الحال ،ونحن لا نعرف من يكون ذلك الشريك الإستراتيجي.
منذ شن حرب الخصخصة علينا ونحن نعاني كمواطنين أصحاب دخل محدود ،يطحننا غول غلاء الأسعار بين أسنانه الفولاذية بسبب إنسحاب الدولة من السوق ،وترك الحبل على الغارب لجشع التجار وخاصة الذين يجلبون لنا بضاعة صينية رديئة حسب طلبهم ويبيعونها بالسعر العالمي،ويضربون المستهلك الأردني والمنتج الصيني في آن واحد.
ما يفوق إرتفاع الأسعار وسوء الخدمات هو أسلوب تعامل شركة الكهرباء وشركة مياهنا مع المواطنين الذين تتأخر عليهم فاتورة شهريا ،إذ يقوم الموظفون بقطع المياه أو التيار الكهربائي عن المنزل دون إخبار أصحابه ،فيتسببون بأذى كبير لأهل البيت لعدم وجود رب الأسرة مثلا،أو لعدم توفر المبلغ في ذلك اليوم ،ناهيك عن تداعيات قطع المياه والكهرباء عن المنازل وخاصة في فصل الصيف،دون الأخذ بعين الإعتبار وجود أطفال رضع أوشيوخ ومرضى من كبار السن .
نحن لا نتحدث عن تخلف المواطنين عن دفع الفواتير ،مع ان هذا مطلب حق لإجبار هاتين الشركتين على إعادة النظر في التسعير ،لأن المواطنين على يقين تام بوجود خلل ما ،إذ يقسم غالبية الناس انهم لا يرون موظف الماء او الكهرباء وهو يقرأ العداد،والأمثلة كثيرة ،وفي حال رغبت هاتان الشركتان بالتحقق مما نقول ،فلتبادرا بعمل إستفتاء عشوائي .
تستطيع هاتان الشركتان إرسال رسائل”SMS”لمن يستحقون القطع قبل يومين ،وعندها سيتدبر المواطن المستهدف أموره ،بدون ضرر ،أو شعور بالغبن من قبل هاتين الشركتين ،وللتذكير فإن شركة مياهنا تركت البلد قبل أيام بدون مياه لأسبوعين ،ولا أدري في أي عرف او قانون يجري هذا التصرف ،خاصة وان أحدا لم يقتنع بالتبريرات التي ساقتها شركة مياهنا وهي صيانة لخط الديسي لضمان التدفق في الصيف المقبل.
الأسئلة المطروحة امام رجال القانون والمعنيين بحقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني وحماية المستهلك كثيرة أهمها :هل يجوز قطع الماء والكهرباء عن البيوت تحت أي سبب من الأسباب؟ماهي تداعيات هذا التصرف اللامسؤول على المواطنين؟كيف يمكن مقاضاة هاتين الشركتين على ما يلحقانه من أضرار بحق المواطنين؟.
هذه الظاهرة وهي قطع المياه والكهرباء عن بيوت المواطنين شهدناها أثناء العدوانات الإسرائيلية على المنطقة،إذ كانت الطائرات الإسرائيلية تتعمد قصف خزانات المياه ومحولات الكهرباء لمعاقبة المواطنين ،وما تفعله شركة مياهنا وشركة الكهرباء لا يختلف كثيرا عما كانت طائرات إسرائيل تقوم