اسعد العزوني
تعلمنا من المظاهر والظواهر الطبيعية أن الشجرة المثمرة التي يثقل الثمر أغصانها تتدلى إلى الأسفل،بينما الأشجار غير المثمرة ،فإننا نرى أغصانها لخفتها شامخة إلى الأعلى ،مع أن الفرق شاسع بين الحالتين.
وهناك ظاهرة أخرى وهي أن البرميل الذي لا يوجد فيه شيء يخرج صوتا كالطبل في حال القرع عليه ،بينما البرميل المليء بالماء أو بغيره لا يخرج صوتا حتى لو طال القرع عليه.
كما تعودنا في المؤسسات النقاشية حول القضايا المصيرية أن من يمتلك القدر الكافي من العلم والمعرفة ،يطرح وجهة نظره بكل هدوء وتؤدة ،ولا ينفعل لأنه يؤمن أن وجهة نظره الصحيحه هي سلاحه ،ولذلك نراه يتحدث بهدوء تخالطه الحكمة ،ويقيني أن هذه الدرجة لا يصل إليها إلا من كان يحفظ درسه جيدا،بينما من يأت للإستعراض وإفتعال المواقف ،نراه يتحدث بإنفعال ليغطي على عجزه في مجاراة النقاش الدائر،والإسهام في وضع حلول مناسبة.
أتحدث بطبيعة الحال عن حالات فردية في برلماننا ولا أعمم ،فهناك ظواهر صوتية مزعجة ،أثناء إنعقاد الجلسات ،ولا أقصد بطبيعة الحال المشاجرات التي وصلت إلى قضم الأذن ،وسحب السلاح ،ورمي المنافض وأكواب المياه على الطرف الآخر،لكنني أقصد هؤلاء الذين يمثلون الظاهرة الصوتية بكل إقتدار وينفعلون وهم يتحدثون ،وكأنهم في ساحات الوغى .
ولا بد من الإيضاح لهؤلاء البعض أن شتم الحكومة أثناء جلسات البرلمان ليس دليل وطنية ،كما ان تحدي رئيس الوزراء أو الوزراء الحضور ،لا يعد إنتماء نابعا من صدق ،بل هو تهويش وتسجيل مواقف ،لأننا نعتمد حالات التواصل والإتصال بعد وقبل الجلسات ،بمعنى أن مثل هذه الظواهر والمظاهر المزيفة لا تمر على المواطنين الذين أصبحوا يرون المجلس بوضعه المعتاد عبئا عليهم.
أحيانا أراقب من قبيل قتل الفراغ بعض الجلسات فأرى العجب العجاب ،لأن من أتيحت له فرصة الجلوس الفعال تحت القبة ،ظلم نفسه بقبول ذلك لأن النيابة شيء آخر ،فهي ليست للإستعراض ولا للإنفعال او تسجيل المواقف ،بل هي رسالة شاقة تقوم على المراقبة والتشريع ،وهذه المهام لا ينجزها كما يجب إلا من كان يمتلك الكثير من القدرات المعرفية والعلمية والأسلوب المقنع في الطرح.
وأرى حالات مضحكة وهي أن البعض ومن قبيل التهويل يصرخ باعلى صوته محتجا او مستغربا من وضع ما ،ويصور نفسه كالطائر الذي يريد التحليق بجناحية أو الطائر الذي يحلق في الفضاء ،وهذه أوضاع لا تدل على أن من يقوم بها نائب جاء للتشريع أو مراقبة الحكومة…وفهمكم كفاية.