د.حسام العتوم
بين الحربين الروسية الأوكرانية ومع الناتو بالوكالة وفي غزة بين حماس – حركة المقاومة العربية الإسلامية التحريرية وفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى وإسرائيل مسافة من أخلاقيات الحرب، وفي العمق أودولف هتلر والنازية الألمانية وتسببهما في الحرب العالمية الثانية 1939/ 1941/ 1945 بقتل أكثر من 28 مليون روسي وسوفيتي، وهم من بدأوا الحرب. ومحرقة ” الهولوكوست ” حينها أودت بحياة أعداد كبيرة من اليهود والسوفييت والحلفاء، وقدّر تعداد اليهود القتلى وحدهم بستة ملايين. وفي الحرب الروسية – الأوكرانية المعاصرة التي بدأتها ” كييف ” مبكرا عبر الثورات البرتقالية عام 2007 وعبر انقلاب ” كييف ” عام 2014 وأشركت فيها الولايات المتحدة الأمريكية وعواصم الغرب خاصة انجلترا والمانيا وفرنسا بالوكالة بعد اعاقتهم مجتمعين للحوار المباشر مع موسكو وعبر اتفاقية ” مينسك ” الممكن أن تحقق لأوكرانيا المحافظة على السيادة والأمن والاستقرار، وحتى الابقاء على القرم في مكانه داخل السيادة الأوكرانية وكذلك الدونباس ، لكن هيهات فلقد وقع الفأس بالرأس وتحولت مؤامرة الغرب الأمريكي وبالتعاون مع نظام ” كييف ” السياسي الحالي المتطرف بقيادة الرئيس فلاديمير زيلينسكي والتيار البنديري الأكثر تطرفا الى حرب دائمة يصعب التنبؤ بنهايتها ، تماما كما جاء عنوان كتابي لعام 2020 ” الحرب الروسية الأوكرانية ومع الناتو – مشهد من الحرب التي يراد لها أن لا تنتهي. ونغمة مشتركة لفظية وغير لفظية بين زيلينسكي وبايدن عنوانها اختزال الحرب بالعداء الشخصي للرئيس بوتين ، والتمني بأن لا يرشح نفسه للإنتخابات الرئاسية الروسية في أذار المقبل ، وكان التمني لهم دائما حاضرا لكي تظهر في روسيا شخصية رئاسية فانتازية تشبه غورباتشوف أو غيرها مرتبكة تقترب ملامحها من يليتسين .
وفي الوقت الذي خرج فيه هتلر عن أخلاق الحرب ، نجد نتنياهو الوجه الثاني لهتلر يكرر السيناريو نفسه مروجا بأن حرب غزة بدأتها حماس في السابع من أكتوبر/ 2023 ، وأغفل احتلال إسرائيل لفلسطين والأراضي العربية منذ عامي 1948 و1967 ، أي قبل 75 و55 عاما . وتسبب وحزبه الليكود المتطرف لغاية الآن ومع قدوم العام الجديد بسقوط حوالي 22 الفا من الشهداء جلهم من الأطفال ، وهي جريمة حرب كبرى ، هي الثانية في التاريخ المعاصر بعد حرب هتلر ، وعدد المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية يفوق العشرة آلاف أسير ، والتعذيب والقمع ونقل الأسرى عراة بالشاحنات العسكرية على قدم وساق . ونعت حماس والمقاومة الفلسطينية والعربية في جنوب لبنان وفي اليمن بالإرهاب لغة إسرائيل ، وتماما كما كانت لغتها مع كل دولة عربية تواجهها عسكريا ، ولا صديق لإسرائيل داخل وخارج معاهدات السلام ، وتنحاز أمريكا علنا للاحتلال الإسرائيلي وتزودها بالسلاح والمال وقبل قدوم العام الحالي الجديد زودتها بحوالي مئتي مليون دولار على صعيد السلاح ، لتساعدها في ديمومة حربها بهدف ليس تصفية حماس الحلم ، ولكن القضية الفلسطينية برمتها ، وهو محض سراب .
وإسرائيل كما أمريكا ودول الغرب يعرفون بأن حماس والجهاد والمقاومة الفلسطينية ، والعربية حركات تحرر مناضلة ، وينعتوهم بالإرهاب ذات الوقت ، ولهم في ذلك مصلحة لتشويه صورتهم واحباطهم ، ويذهبون الى تنفيذ موجة من الاغتيالات خارج الاراضي المحتلة مرتكزين على الاستخبار والتجسس ، وعينهم على العقول القيادية الفدائية لتحقيق نصر سريع ولكي لا تتكرر هبة السابع من أكتوبر ثانية التي اطلق عليها لقب ” طوفان الأقصى ” ، وهو الذي لن يتحقق بسهوله ، والمقاومة الفلسطينية والعربية باقية صامدة ، وهي أيدولوجيا خلاقة ، وجينات متوارثة . والجيل الفلسطيني والعربي الذي أصبح شاهد عيان على مجزرة إسرائيل ضد المواطنين الفلسطينيين بالدرجة الأولى لن ينساها يوما ، والحرب الشجاعة التي يكون طابعها عسكري ، وغيرها التي تتطاول على حياة المدنيين كما الإسرائيلية والأوكرانية تمارس الهمجية ولن تنتهي، والتصعيد عنوان أكيد لها .
والغريب في الحرب الإسرائيلية ، هو أنهم يبحثون عن أسرى عسكريين ومدنيين تعدادهم قليل ، وتواجدهم لدى حماس والمقاومة مؤقت ، ويغفلون اعتقالهم لآلاف الفلسطينيين والعرب منذ سنين طويلة ، ويهدمون بيوت الفلسطينيين على رؤوسهم لأنهم أصحاب الأرض والقضية العادلة فقط . وما لفت انتباهي في المقابل في الحرب الروسية الأوكرانية التي يغذيها الغرب الأمريكي علنا هي التصريحات الحميدة للرئيس بوتين ولنائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ميدفيديف ، فلقد قال بوتين بأن بلاده لن تستهدف المدنيين الأوكران ، وبأن حربها ليست مع الأوكران ، وانما مع التطرف ، وتبقي الباب مفتوحا أمام الحوار ، ولن تتراجع الى الخلف ، وبأن روسيا العام الحالي كما جاء في خطابه بمناسبة رأس السنة ستصبح بالتأكيد أقوى ، وتواصل روسيا قبول معادلة تبادل الأسرى ، كان أخرها اعادة 230 أسيرا أوكرانيا منهم 214 عسكريا ، وتحرير 248 أسيرا روسيا . وقال ميدفيديف بأن حرب بلاده روسيا في أوكرانيا لن تشبه الحرب في غزة ولن تستهدف المدنيين ، و أجمع كل من بوتين وميدفيديف بأن الرد على الهجوم الأوكراني على المدنيين الروس في مدينة بيلغاراد قادم وكان في مقدمته توجيه ضربات للعاصمة كييف ولعدد من المدن الأوكرانية حيث تتواجد المنشأت العسكرية الأوكرانية فقط .
بموضوعية وانصاف ومن دون انحياز لأي طرف استطيع القول هنا بأن نظام “كييف” وأنظمة الغرب بقيادة أمريكا الذين يتعمدون عدم فهم الحرب الجارية مع روسيا لن يربحوها يوما ، ومهما وجهوا من سلاح ومن مال كبير تجاوز لغاية الآن مئتي مليار دولار، أو المطالبة بتزويد ” كييف ” بصواريخ طويلة المدى وبطائرات (F16) الأمريكية وبالمسيرات وبحجم مليون مسيّرة . وروسيا التي يحاربونها ليست أفغانستان ولا جزر القمر ، بل دولة عظمى فوق نووية ومتطورة السلاح في المجال التقليدي والتكنولوجي العسكري أيضا ، وتستخدمه حسب ظرف المعركة وبالتدريج ، ولقد قالها الرئيس بوتين يوما ، اذا ما تم الإعتداء مباشرة على بلاده روسيا ولو بالسلاح التقليدي ، فإن الرد السريع سيكون بتوجيه مائة صاروخ نووي معا على الهدف الذي انطلق منه الرصاص . وعودة على حرب إسرائيل المجنونة على الفلسطينيين في غزة وعلى مقاومتهم ، نجدها تقدم التدمير والقتل على لغة السلام ، فأيهما أولى الإعتراف بحق الفلسطيني والعربي بالعيش في أرضه سالما لكي تعيش هي بأمان أيضا ، أو تذهب لمزيد من الدمار والقتل ، وعندها سيطالب المجتمع الدولي وضميره الحي بتفكيك ( دولة إسرائيل ) واعادة يهودها الى باراذبيجان ، أو الى حيث دعاهم الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين عام 1950 للتوجه الى القرم في البحر الأسود أو الى سخالين على حدود اليابان ، ومن الممكن أن يختاروا اقليم ألاسكا الأمريكي الروسي الأصل ، الأقرب لعشيقتهم أمريكا ، ويستطيعون هناك بناء هيكلهم سليمان المزعوم . وفلسطين الكنعنانية اليبوسية باقية عربية كما كانت من قبل التاريخ بخمسة آلاف عام، ومرورهم الترانزيت من منطقتنا العربية ثمانون عاما لن تجدي لهم نفعا ، والأصل أن تقودهم توراتهم الى من حيث أتوا .