ينال البرماوي
دخلت العديد من النقابات المهنية في الأردن بأزمات مالية وأصبحت عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه أعضائها وخاصة ما يتعلق بصناديق التقاعد والتكافل والتأمين الصحي وغيرها ونقابات أخرى ينتظرها ذات المصير ما يضعف دورها في خدمة منتسبيها وتحسين أوضاعهم المعيشية والقيام على خدمة المهنة التي تعنى بها كل منها وتطويرها والدفاع عنها .
ما تعانيه النقابات اليوم جاء نتيجة لعدم وجود بناء مالي واستثماري صحيح وتخطيط يستند الى دراسات اكتوارية دقيقة وتعكس واقع كل نقابة قياسا الى التدفقات المالية والنمو السنوي في عدد الأعضاء مع الزيادة الكبيرة من خريجي الجامعات .
تعثر الصناديق المالية للنقابات وتخلفها عن دفع رواتب المتقاعدين ومستحقات التكافل لعدة أشهر وبعضها لعدة سنوات يؤكد عدم سلامة القرارات المالية التي تتعلق بعمل الصناديق وأنها على الأغلب انشئت بحثا عن الشعبويات وكسب ود الهيئات العامة والدراسات الاكتوارية ان وجدت لم تكن صائبة في مخرجاتها وتوصياتها . ولم تعد بالأصل من قبل جهات مختصة ولديها العلم والمعرفة بما يلزم لتوجيه عمل النقابات ماليا بالشكل السليم .
نقابات اضطرت لالغاء صناديق التقاعد وتفكر بالغاء صناديق أخرى نتيجة للأوضاع المالية التي تعاني منها ودخولها في أزمات متلاحقة واعتمادها على رسوم الأعضاء وما تتقاضاه من الأنشطة التي تقع ضمن نطاق عملها وأغفلت لسنوات طويلة ملف الاستثمار واقتصارها على العمل الآني دون استشراف المستقبل والتخطيط اللازم له .
عدد منتسي النقابات يتجاوز بحسب التقديرات 500 ألف شخص وعلى افتراض أن كل واحد منهم يعيل 4 أفراد فإن 2 مليون فرد من الأردنيين على الأقل معرضون للتأثر مباشرة بالأزمات المالية للنقابات التي تحمل جانبا كبيرا من المسؤولية من خلال تحسين أوضاع منتسبيها وتوفير الخدمات الأساسية لهم كالسكن والقروض والصحة والتعليم وغيرها .
انهيار الصناديق المالية للنقابة سيكون له تداعيات سلبية متعددة على الاقتصاد والمجتمع وارتفاع نسبة الفقر بشكل كبير خلال الفترة المقبلة وبالتالي زيادة الضغوطات على الدولة لتأمين هذه الشريحة بالاحتياجات الأساسية التي تتولاها النقابات مثل السكن والرعاية الصحية والتعليم وغيرها .
تدارك الخطر وعلى الأقل الحد منه يتطلب مبادرة النقابات سواء التي دخلت في أزمات مالية أو التي تعتقد أنها في مأمن لاجراء دراسات اكتوارية من قبل جهات متخصصة وامكانية الاستعانة بخبرات من الخارج لهذه الغاية لعدم توفر المحلية وأن يقود مجلس النقباء جهدا لمساعدة النقابات في اجراء مثل هذه الدراسات وامكانية التعاقد الجماعي مع معدي تلك الدراسات.
وتحتاج النقابات الى مساعدتها في تحصيل حقوقه المالية المترتبة على الغير بموجب قانون كل منها من خلال توريد التدفقات المالية المفترضة شهريا دون تأخير ومنح النقابات صلاحيات قانونية تجبر المكلفين على دفع العائدات المالية وتسديدها أولا بأول.