عوض الصقر
بعد تفشي فيروس كورونا على مستوى العالم وبعد أن أعلنت الحكومة حالة الطوارئ وتطبيق قوانين الدفاع لمواجهة هذه الجائحة القاتلة، بدأ المواطنون يتهافتون على المخابز والمحروقات ومحلات المواد التموينية بشكل غير معهود بهدف تكديس هذه المواد بكميات كبيرة تفوق معدلات الاستهلاك الطبيعية. ومع زيادة الطلب على المواد التموينية والسلع الاستهلاكية لجأ ضعاف النفوس من التجار إلى رفع أسعار سلعهم إلى أضعاف أسعارها الطبيعية.
واضح أن وزارة الصناعة والتجارة والتموين تصدت بكل حزم لمواجهة هذا السلوك المشين حيث حددت سقف أسعار السلع التموينية والاستهلاكية المختلفة وتوعدت المخالفين بتطبيق أشد العقوبات التي ينص عليها القانون. ما كنا نشاهده خلال الأيام القليلة الماضية من تدافع وتزاحم لشراء هذه المستلزمات المنزلية لدرجة أن بعض تلك المواد نفذت تماما من عدد من المحلات والمولات، سلوك غير مبرر إطلاقا وهو بكل تأكيد سلوك أناني غير مألوف ولم نكن نعهده من قبل. لقد حاولت بعد ظهر يوم الجمعة شراء بعض الحاجيات الضرورية من أحد المولات الكبيرة القريبة وكان المتسوقون يصطفون في طوابير طويلة لدرجة أنني قدرت أنني بحاجة الى أكثر من ساعة ونصف للوصول الى مكان الكاش لدفع قيمة المشتريات. فغادرت المكان وتوجهت إلى مخبز مجاور وكان الناس يصطفون أيضا في طوابير طويلة مماثلة لدرجة أنهم يقفون خارج المخبز في المطر الغزير ينتظرون دورهم لشراء كميات من الخبر، أيضا تفوق حاجتهم، فتركته بدون تردد. مطلوب من وزارة الصناعة والتجارة والتموين ومديرياتها في المحافظات تكثيف جهودها بالتعاون مع الحكام الإداريين ومؤسسة الغذاء والدواء والأمن العام وجمعية حماية المستهلك لمراقبة ومتابعة الأسواق بما يضمن عدم استغلال المواطنين في مثل هذه الظروف الاستثنائية التي تجتاح العالم بأسره والتأكيد على الالتزام بالسقوف السعرية وضبط المخالفين لينالوا جزاءهم الرادع، مع التأكيد على ضرورة تعميم المخالفين والعقوبات المفروضة عليهم في وسائل الإعلام والتواصل الإعلامي ليكونوا عبرة لكن من تسول له نفسه إلحاق الضرر بالمجتمع. واضح أن هنا غياب للوعي الاستهلاكي لدى شريحة كبيرة من المواطنين لدرجة أن بعضهم ربما لا يلاحظ تاريخ انتهاء السلعة أو الأغذية الفاسدة والمكشوفة والتي تشكل بيئة خصبة للفيروسات والجراثيم ونقل العدوى، فماذا سيحصل بنا إذا استمرت جائحة كورونا، لا سمح الله، لفترة أطول خاصة ونحن نقترب من حلول شهر رمضان المبارك الذي يشهد، أيضا، تهافتا أكبر لشراء السلع الاستهلاكية والمواد التموينية بما يفوق الحاجة للناس.
لمواجهة هذه الظاهرة المرفوضة والتي تتنافى مع قيمنا العروبية والإسلامية التي تتميز بالإيثار والبساطة وعدم الإضرار بالآخرين، فإنه يتوجب تنفيذ حملة وطنية شاملة موجهة للتجار والمواطنين على حد سواء بمشاركة وزارات الأوقاف والصحة والصناعة والتجارة والإعلام والأمن العام من تبعات مثل هذه السلوكيات المشينة فالتجار عليهم عدم استغلال هذه الظروف الاستثنائية لتحقيق الربح الفاحش والمواطنون عليهم عدم اللجوء إلى تكديس المواد التموينية والسلع الاستهلاكية والبقاء في منازلهم حرصا على صحتهم وسلامتهم وعليهم عدم الاستماع للإشاعات المفبركة التي لا أساس لها من الصحة حول تأجيج مشاعر الخوف والهلع وعلينا أن نتذكر حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: (ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك، رفعت الأقلام وجفت الصحف).. وعلينا جميعا أن ندرك جيدا أن قرار حظر التجول الذي طبقته الحكومة جاء لصالحنا بالدرجة الأولى، وأن البقاء في المنازل يبعد عنا شبح فوبيا الكورونا بمشيئة الله، فهل من مستجيب؟.