د.عبدالله القضاة
أعجبني وزير الصحة في قوله ” تنظر باهتمام بالغ للموارد البشرية وستبذل اقصى الجهود الممكنة لتنميتها. وستضع خطة شمولية لتنمية الموارد البشرية تركز على تعزيز التدريب والابتعاث وبرامج التعليم الطبي المستمر مؤكدا دور ذلك في رفع كفاءة الكوادر وتحسين الخدمة التي يقدمونها” .
أعتقد أن الوزير متحمس جدا ويبدو أن لديه رغبة حقيقية في احداث نقلة نوعية في أداء الوزارة والمستشفيات والمراكز الصحية التي تديرها. وحتى نيسر عمله ؛ نطرح جملة من التساؤلات التي تشكل الإجابة الدقيقة عليها خطة تحسينية حقيقية للقطاع ، وهي : كم طبيب إختصاص يشغل وظيفة إشرافية في الوزارة وما يرتبط بها من مستشفيات مراكز صحية ؟، ماهو حجم النقص في أطباء الاختصاص على مستوى المملكة ؟ ماهو المبلغ المخصص في الموازنة لغايات تدريب وتأهيل كوادر الوزارة من فنيين واداريين ؟ هل الوزارة ملتزمة بتنفيذ التدريب اللازم في السنوات الخمس الأخيرة لكوادرها الادارية ضمن مسار يلبي احتياجات التطوير والتأهيل لهذه الكوادر؟ .
ننصح الوزير بتحديد مسارين للأطباء : فني وإداري ، أما الفني فيتضمن تأهيل الأطباء في مجال الاختصاص والمحافظة عليهم ضمن اختصاصهم وعدم إشغالهم بالوظائف الادارية ، فلا يعقل ان يتولى طبيب الأسنان مثلا وظيفة الموارد البشرية ولا حتى ادارة المركز الصحي ، ويمكن أن تعطى رتب إشرافية “موازية ” للأخصائيين ” كنوع من الدعم المعنوي مثل أخصائي اول بمستوى مدير مديرية او رئيس قسم وهكذا .وتستحدث علاوة مستوى وظيفي مماثلة للعلاوة الإشرافية لتعزيز هذا التوجه.
أما المسار الاداري ، فيخصص للأطباء العامين غير الراغبين في الاختصاص او لديهم دافع قوي نحو العمل القيادي ، فهذه الشريحة ، مع إداريي الوزارة ، يتم الحاقها بمسار تدريبي في معهد الإدارة العامة يتضمن بناء قدراتها الادارية والقيادية وتعزيز إتجاهاتهم السلوكية ، وأن تتوقف الوزارة عن الطلب من مجلس الخدة المدنية إعفاء موظفيها من الإلتحاق بالبرامج التدريبة ؛ بحجة عدم توفر الوقت اللازم او عدم كفاية المخصصات المالية لهذه الغاية.
وبخصوص المراكز الصحية التي يقول الوزيرأن تفعيل دورها على رأس سلم الاولويات ، فتطوير عملها لايتوقف على مراقبة دوام العاملين فيها ، فهناك عدد من الأطباء يحضرون في الوقت المحدد لهذه المراكز ولكن لايباشرون عملهم الابعد ساعة أو ساعتين وينصرفون قبل انتهاء الدوام ربما بساعتين أيضا .
نقترح على الوزير أن لايكتفي بمراقبة الدوام ، فلابد من تفعيل التخطيط السليم للموارد البشرية وإعداد الدراسات الإكتوارية لقطاع الصحة ، وكذلك وضع مؤشرات اداء كمية ونوعية لأطباء المراكز الصحية مثلا : عدد الحالات التي يتعاملون معها يوميا / أسبوعيا / شهريا/ ونوعها، ومقارنة ذلك بأداء جميع المراكز ومن ثم إستخدام المقارنات المعيارية وفق أفضل الممارسات الدولية والتي تقيس خدمات الطبيب لعدد السكان المستهدفين أو جودة هذه الخدمات مثلا.
وأما موضوع العلاج فحدث ولا حرج : نقص في الأدوية الثمينة ، صرف دون توثيق ومعايير ، ناهيك عن الكثير من الممارسات غير السلوكية لدى فئة غير قليلية من مقدمي الخدمات في العديد من المراكز وادارة التأمين الصحي والتي تحتاج لتدريب مكثف في اخلاقيات الوظيفة العامة والمهارات السلوكية ومن ثم ؛ تعزيز الرقابة الداخلية – الالكترونية والميدانية- المستدامة لتوفر مخرجاتها مع مخرجات المتسوق الخفي مدخلا للوزارة في التشخيص الميداني الحقيقي الذي يشكل خطة التطوير المطلوبة.