مكرم الطراونة
ينهمك رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز في عمليات حسابية لإجراء تعديله الرابع على حكومته التي بدأت مهام عملها في شهر حزيران من العام 2018، أي قبل سبعة عشر شهرا.
المعلومات التي ترشح من الدوار الرابع، تقول إن التعديل الجديد سيشمل نحو 7 حقائب، إضافة إلى فك الدمج بين وزارات، ما يعني أن وزراء جددا يستعدون للدخول في توليفة الحكومة، على أمل بث الروح فيها من جديد.
لكن، وقبل الدخول في لعبة الأسماء المرشحة للخروج، أو للدخول، هناك أمر مهم بات كما الحقيقة التي لا غبار عليها، وهي أن الأسماء لم تعد مهمة بالنسبة للشارع الأردني، فهو، وببساطة شديدة، فقد الثقة بهذه الحكومة، خصوصا حين يعود إلى الوراء قليلا ويرى كيف كانت التعديلات السابقة مجرد تغيير وجوه، ولم يضع وزراء جدد من الداخلين إليها أي بصمة خاصة لهم في عمل وزاراتهم، ليبقى التعديل مجرد عملية تجميل لم تحمل أي جديد.
رئيس الوزراء أخذ على عاتقه مرارا وتكرارا تقييم أداء فريقه الوزاري، ونتيجة لهذا التقييم سيطلب من البعض تقديم استقالاتهم، فهم بالنسبة إليه لم يحققوا المطلوب منهم، بيد أن من حق الأردنيين أن يقفوا على نتائج تقييم الوزراء سواء من سيغادر منهم أم من هو باق، ومعرفة الأسباب الموجبة لإجراء التعديل ومدى فائدته.
إذا ما أراد رئيس الوزراء أن يكسب تأييدا شعبيا لمثل هذا التعديل فلا شك أن من الضرورة بمكان أن يوضح للناس دوافعه لاختيار الوزراء الجدد، وبماذا يتميزون عمن سبقهم، وما هي النتائج المرجوة والمتوقعة منهم، وهل سيحققون نقلة نوعية في وزاراتهم والمؤسسات التابعة لها، كما يجب أن يقنع الشارع بأن من سيخرج من الوزارة أخفق في إدارة ملفات وزارته، وأن بقاءه فيها ضد الصالح العام، ودون ذلك فإن هذا التعديل سيكون بلا أي أثر إيجابي، ولن يستقبله الناس بأي ترحيب إذا ما كان مجرد تبديل وجه بوجه آخر.
من المهم جدا أن تشرح الحكومة للمواطنين الفائدة التي تحققت من التعديلات السابقة، وأن الوزراء الذين التحقوا بركب السلطة التنفيذية في تلك التعديلات حققوا ما لم يتمكن سابقوهم من تحقيقه. على الحكومة أن تعترف أمام الشارع بفشل أو عدم نجاح الوزراء المغادرين مناصبهم في تأدية مهامهم، وبالتالي لا يجوز أن ندفع بهم لتبوؤ أماكن قيادية أخرى كمدراء مؤسسات وهيئات مستقلة أو كرؤساء مجالس إدارات هنا وهناك، تحت عنوان الاسترضاء الذي قتل مبادئ العدالة والمساواة بين المواطنين.
من حق رئيس الحكومة الوقوف دوما على أداء فريقه، لأن نجاحه في تأدية مهامه الموكلة إليه يعتمد بشكل أولي على قدرة الوزراء على قيادة مؤسساتهم بكفاءة عالية، حتى لو اضطر لإجراء أكثر من أربعة تعديلات، بيد أن عليه أن يدرك أن الأردنيين ليسوا حقلا للتجارب، وأن الوضع الاقتصادي والتحديات التي تجابه الدولة داخليا وخارجيا لا تحتمل أيضا التهاون والمغامرة بالأسماء التي سيطلق عليها لاحقا لقب “معالي”، لذلك عليه اختيار أعضاء جدد لحكومته وفق أسس ومعايير يكون ضامنا لنتائجها بصورة كبيرة ومثالية، وأن لا تدخل فيها لعبة الأسماء الرنانة والعائلات الممتدة في السلطة، ولا أن يخضع لمراكز قوى وصالونات تدفع برجالاتها دائما لتولي مثل هذه المناصب!.