الدكتور عدنان الزعبي
وأخيرا اسدل الستار على التعديل السابع لحكومة بشر الخصاونة وسط تساؤلات عديدة ابرزها السبب الحقيقي وراء هذا التعديل ، خاصة وأن عمر الحكومة المتبقي لن يتجاوز العشرة اشهر ، ولماذا خرج بعض الوزراء الذين لم يمضوا أكثر من اشهر معدودة في هذه الحكومة ، هل لاكتشاف الرئيس بعدم كفاءتهم ، أم اقتضت تقسيمة المجلس بخصائصة ضرورة ذلك ؟.
إن ارتفاع عدد التعديلات والمناقلات في هذه الحكومة رفع عدد الوزراء المعينين عن 50 وزيرا وهذا كم هائل في تشكيل أي لحكومات وهو يحمل في ذاته دلالات تعود بالأساس على الرئيس أو توجيهات عليا بتطوير الأداء يوما بعد يوم . . فهذه الحكومة شكلت في 12/10/20 وجاء أول تعديل لها بعد شهرين بتعيين سمير مبيضين وزيرا للداخليه وبعدها بثلاثة أشهر تقريبا استقالة الوزير والوزير اتلهوني، وبعدها بشهر أي في 7 اذار اجري تعديل موسع على الحكومة ، وبعدها باسبوع استقالة معن قطامين من الحكومة، ثم توالت التعديلات في 11 من تشرين الأول 2021، وفي 5 من نيسان 2022، و 27 من تشرين الأول 2022 ثم في 22 من كانون الأول 2022 باختيار القيسي للسياحة
وها نحن اليوم نشهد التعديل السابع وسط تساؤل الأوساط السياسية والحزبية والبرلمانية حول جدوى هذا التعديل وفائدته ، وطبيعة تفكير الرئيس وتوجهاته ، ومدلول اختياراته ، التي تؤكد على وجود خلل ما ، سواء في طبيعة اختيار الشخصيات الوزارية ومعاييرها ، أو في سوء تقدير انعكاسات كثرة التغيرات على الواقع الإداري لمؤسساتنا الحكومية وبالتالي ألآداء العام للقطاع العام .
فاذا كان هم الرئيس ادخال بعض النواب بعينهم إلى الحكومة على اعتبار الكفاءة والرفد والتعزيز ، أو على أي اعتبار آخر طرح في الساحة ،فالايمان بالكفاءة تطلب بالأساس أن يكون الاختيار مبكرا من عمر الحكومة حتى يتم الاستفادة منهم ، واذا كان الامر لاعتبار آخر فأن الأساس يمكن وراء توجهات مراكز صنع القرار في تحقيق المبدأ الدستوري في فصل السلطات التي ركز عليها الملك في الأوراق النقاشية حينما تحدث عن التكامل بين السلطات وقيام كل سلطة بدورها ليكون رضاء الشعب هو الحكم على بقاء النواب، وأن رضا النواب هو الفيصل في بقاء الحكومة. فعدم توزير النواب مبدأ منطقي سارت عليه السلطة العميقة في الأردن لتحقيق الهدف من وجود النائب وتمثيله للفكر الشعبي ، ولتفريغه للعمل النيابي التشريعي والرقابي اللذان يعتبرا محور عمل النائب .
إن ظهور فكرة إعادة احياء توزير النواب سابقة جريئة من الرئيس حسمت من صاحب القرار الأول بالمحافظة على منهج الدولة الأردنية في هذا الاطار . وهنا تبرز التساؤلات الصعبة ، وبعد أن واجهت محاولات الرئيس في توزير النائبين بالرفض ، فهل تشاور الرئيس مع صناع القرار العميق في الأردن ، قبل هذه الفوضى الإعلامية التي ظهرت في الأوساط الأردنية ، وهل كان التعديل بالأساس يصب فقط لصالح النائبين وبعض الحقائب الخدمية الضرورية ، وهل لهذا التعديل من جدوى رغم احترامي وتقديري ومحبتي لبعض الزملاء والأصدقاء الذين جاءوا بهذا التعديل ، وهل كان الرئيس مدرك لاحتمالية عدم الموافقة على مشروعه التوزيري للنواب فاستعد بقائمتين . وهل جاء بعض الوزراء الجدد كحالة طواريء نشأت قبل القسم بساعات جراء عدم مشاركة النواب . وهل سنشهد بعد اشهر معدودة تعديلا ثامنا وتاسعا حتى يحين رحيل الحكومة ؟.
ولعل النتيجة غير محمودة على الصعد كافة مع تقديرنا لكل الجهود الطيبة التي قامت به الحكومة على مدار السنين الثلاث ، إلا انه وجب القول أن ، النواب في دورتهم العادية الأخيرة ، وفي إطار التمييز بين النائب والنائب سوف يخلق داخل المجلس تحديات كبيرة للحكومة هي بغنى عنه ، وسيقضي على عهد التمرير وقطع حبل (موافقون ) في المجلس الذي عودنا عليه المجلس وخاصة في الدورة العادية الثالثة . خاصة وأن المتطلعين للترشيح القادم وفي إطار القانون الجديد يجب أن يثبتوا قدرتهم على المناكفة والفكر والمبادىء الشعبوية التي تؤهلهم لان يترشحوا مرة أخرى .
خير ما صنعته مراكز صنع القرار في هذا الشأن لاستكمال ما تبقى من قوانين . فخلاصة القول ، وبسؤال صريح ، لو أن الرئيس كان متأكد من عدم الموافقة على توزير النائبين فلن يقدم على أجراء هذا التعديل ، وقد بقيت اشهر معدودة على عمر الحكومة .
الأعراف الدستورية التي لخصها الملك في أوراقه النقاشية واضحة ويجب أن نلتزم بها جميعا فهي قواعد لنظرية الدولة الأردنية الحديثة التي ننشد.