د. محمد القضاة
استمعتُ الى حديث دار في اروقة احد الاجتماعات محوره الجامعة بتاريخها العريق ودورها في بناء الدولة والإنسان، كنت اسمع النقاش واصمت طويلا عند بعض الأفكار والملاحظات، واقلّب بعضها يمنة ويسرة، وأقول في حواري الداخلي؛ هذا كلام يليق وذاك كلام يحترم وذلك رأيٌّ يعتد به، وأخر لا معنى له، وغيره من الأفكار الكثيرة المثيرة عن الجامعة وطلبتها وأساتذتها وعلاقتها بمجتمعها وعن ظروفها الأكاديمية والمالية وحول ما يُدار حولها من كتابات وغيرها من آراء منها الإيجابي ومنها السلبي، عدت لقلمي وقلت كم مرة وقفت كلماتي عاجزة امام الجامعة الاردنية محطة الفكر الاولى ومركز الحرف الاول وسطره في حياتي؟ كم مرة كتبت وانا مؤمن انها ستبقى في منأى عن اي فكر جاحد بعيد عن الموضوعية، وأنّها ستبقى مشعلا تنويريا وفكريا وعلميا مهما تقادم الزمان وتغير الناس أكانوا من داخلها أم خارجها؟ وكم دبجت مقالات عنها ولها، وانا مؤمن انها الأم الرؤوم التي تحتضن الجميع بلغة الحب والعطاء والتميز، وتأخذ على عاتقها الاستمرار في اداء رسالتها سواء أنقص المال أم كثر، أأحَبَها من أحبَها أم كرهها من لم ينل مراده منها؟ وأقول وأنا مطمئن بعد أربعة عقود كنت وما زلت فيها، إنّها ماضية في شبابها وإنجازاتها وعملها الاكاديمي والعلمي، وواهمٌ من يعتقد انها تتأثر بمقالة هنا او رأي طائش هناك ، أو فكرة يابسة، أو رؤية ناقصة، أو خبر عار عن الصحة، هذه مؤسسةٌ أكاديمية راسخة رسوخ الجبال، وتاريخها حافل بالانجار والعطاء والتميز، إنها انجاز الأجيال لبناء شباب المستقبل ، وها هي تعالوا وتتعالى والكل يقف أمام بواباتها المشرعة لمحبي العلم والمعرفة كي يتأملوا كيف بدأت فكرة بسيطة حتى أصبحت حقيقة ناصعة، نفاخر الدنيا بها، لا تتوقف عن العطاء، ولا تقبل أصوات النشاز؛ انها الاردنية الوطن وعقل الدولة وفكرها النبيل، وهي البيت الدافئ ونبض القلب رغم اسئلة من يظنون أنّ الجامعة كرسيٌّ يتسنمه بعضنا ويظن انه له الى الأبد، وليعرف القاصي والداني ان الاردنية لا تتوقف عن دورها مهما تعددت المواقف والمصاعب، ولا ترضخ لعرض أو طلب، تستجيب للتحديات والمحن، وتبقى طودا شامخا امام الزمن، نعيش لحظاتها بإيقاعاتها كافة، بحضورها وغيابها، وهي في الأنفاس روحا وثابة ، ولا تقبل من أحدٍ ان يزاود عليها مهما تباعدت عقارب الساعة او اقتربت؛ لانها ليست حروفا ندبّجها وندعي فيها حب الاردنية، والذين أحبوها؛ أحبوها بصمتهم الجميل، وسمتهم الأنيق، أحبوها كأولادهم دون منِةٍ، وأخلصوا لها حتى غدت في العاليات خافقة على مر الزمن، وغدا زمانها أسطورة على كل لسان، أقول للذين يطالبون بإحالة أساتذتها للتقاعد لا تستعجلوا فالزمن قادم وكم جيل مرّ فيها ومضى مثل النسمة، حفر اسمه وبقي مجلجلاً في قاعاتها وكلياتها، اقول لهم: الاستاذ لا يتقاعد إن كان يعطي ويبدع.
وبعد ، ولمّا كان للأردنيّة في قلوبنا محلٌّ كبير، وكانت لها لدينا المكانةُ الفُضلى فينبغي لنا حينئذٍ دعمها بكل الوسائل المتاحة كي تتمكن من ترسيخ البيئة الجاذبة والصديقة للطالب والأستاذ، وتقديم خدمات حيويّة تمكّن الجامعة من الارتقاء بالبحث العلميّ، وامتلاك أدوات التعليم والتّعلّم ووسائلهما الحديثة بحيثُ تكون جامعة قادرة على مواكبة متطلبات العملية التعليمية التعلمية تستطيع ان تكون مركز الجذب والعلم والتقانة والثقافة والتنوير ، ها هي الاردنية كما عهدناها تعيد للزمان دورته وجماله لاهلها اجمل معاني النخوة والشهامة والإيثار .