المحامي مصطفى فريحات
الخدمة و القيادة !!
تعدّ القيادة في أدبيات الإدارة ومدونات التنمية البشرية العنصر الأهم في عملية الاتصال الإنساني و توزيع الأدوار لدى أفراد المجتمع الواحد سواء كانت العملية سياسية أو حربية أو اقتصادية أو غيرها . بل إن مصير الجهود الإنسانية والتضحيات البشرية التي تبذل لتحسين الأداء موقوفة على توفر عنصر القيادة الذي يحكم في داخله عنصر الإدارة وترتيب الأولويات و إجراء كافة الحسابات للوصول إلى أقصى إنجاز و أفضل أداء .
و بعيدا عن الحديث في عموميات القيادة و ألوانها المتعددة و أشكالها الكثيرة تظل القيادة القيادة المجتمعية أم القيادات و أصعب المهمات و أعقد المهارات لما لها من تحديات كبيرة وشروط قاسية تفرض على أصحابها الالتزام بها للعبور بالجماعة إلى بر الأمان و عالم التقدم والإنجاز .. وبعيدا أيضا عن الخوض في أسرار النجاح وخلطاته كلها يبقى هنالك عنصر ذهبي واحد وطريق ملكي وحيد إلى القيادة ألا و هو طريق الخدمة الذي لا بديل عنه مهما كثرت الأموال عند صاحبها أو ارتفعت به المناصب أو العلم أو الحسب والنسب .. أو مهما كما اليوم كثرت على صفحات الفيس منشوراته و لايكاته أو حتى انتقاداته الكيبوردية السهلة ..
وبالعودة إلى الطريق العام للقيادة الذي يتمثل بصفات القائد الخلقية و العلمية والتربوية فإن الخط الآخر السريع لها هو جعل الخدمة فنا يعزف ألحانا تمسح عن الناس بؤسهم و تجبر لديهم عثراتهم بما يجود صاحبها بالوقت و المال وبالطعام والشراب و بالبسمة في الوجه وبكل ألوان العطاء من صاحبها الذي يبذر ثم يمضي في طريقه دون أن يهم من الذي سوف يحصد .
وقد رسم السيد المسيح عليه السلام ملامح الطريق بوضوح حينما قال جئت لأعطي لا لآخذ .. ومما أعجبني قول أحد الغربيين في هذا أيضا قوله في القيادة بأنها حل المشكلات وفي اليوم الذي تتوقف عن مشاركة الناس مشكلاتهم اعرف انك لم تعد قائدا لهم فهم إما يكونوا فقدوا الثقة بمقدرتك على مساعدتهم أو أنهم شعروا بأنك لا تهتم بهم وكلتا الحالتين تدلان على فشلك في القيادة .
ومما يلفت نظري في أيامنا هذه إلى تجاوز بعضهم في فهم الخدمة إلى جعلها على حساب الوظيفة وقدسيتها و التكارم بما يضيع الحقوق .. أو ربط الخدمة بهدف طارئ صغير مؤقت و بذل الجهد و المال دون حب وتقدير واحترام .
وهنا تتأكد حقيقة أن القيادة سلوك ومثابرة و طريق يشبه السير في الجحيم .. و الأمل بتذليله فقط بالاستمساك بمعول الخدمة الثقيل الذي لا بديل عنه و لذلك قل السائرون فيه و قد نبّه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذا بقوله : الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيهم راحلة .
و أخلص بحديثي هذا إلى القول بأن الخدمة في نهاية الأمر نسبية ولكنها قلبية .. وهي التزام ومسؤولية .. و أن القيادة مكافأة و ليست غاية .. فهل آن أن نقول بأن الخدمة ليست الطريق إلى القيادة .. بل القيادة هي الطريق إلى الخدمة !!
5 تعليقات
ياسين بحور
عاشت يداك مقال جميل
عقاب الجبالي
تعتبر الخدمه المجتمعيه وان تكون أحد روادها
من الأعمال الحساسه والتي تتسم بطابع خاص
فيها نوع من الصعوبه وتضفي سعاده كبيره على
من يحتاجها ونحن نعيش في مجتمعات عربيه اسلاميه ما زال هذا الأمر يشغل حيز كبيرا عند الناس التي تعيش ضروف انسانيه صعبه
فهذه هبه من الله سبحانه وتعالى اختص بها
بعض عباده فالذين يقدمون ويضحون ويبذلون جهدا من أوقاتهم وأعمالهم وعلى حساب اسرهم
فله الأجر الكبير وتزداد المهمه صعوبه عندما تكون قائدا في هذا المجال بأن تتوسع المهمات
بالتشاركيه مع الآخرين والانطلاق بهم بخلق المزيد من الأعمال المجتمعيه العامه وبذلك سوف تكون عرضه لمزيدا من النقد أيضا عند البعض ولكن وجودك قائدا يعني أن تتعرض وتكون تحت المجهر باستمرار فهي تعتبر وظيفه عامه بامتياز…. لقد تطرقت استاذ مصطفى إلى موضوع واسع ومهم وقدمت الكثير من الاضاءات بطريقه متميزه مبدعه لأن الموضوع واسع ومهم بوركت وبوركت جهودك بما تقدم من جهد في خدمة الناس وانت المعروف عنك بحبك للناس وحبهم لك ما بالغ الاحترام والتقدير وإلى الأمام دائما وفقك الله.
الشيخ موسى الشامي .. ابو هاشم
كلام عميق من مفكر مسؤول عرفنا صدقه ونشاطه و قدرته على الخدمة والعطاء .. اتمنى منكم مواصلة مشوار الخدمة و القيادة المجتمعية .. و خالص الايمان والمحبة
الدكتور سفاح الصبح
الأستاذ المحامي مصطفى فريحات الأكرم
تحية طيبة وبعد
لقد تشرفت بالماضي البعيد بزمالة شقيقكم الأستاذ موسى فريحات الذي ترك في نفسي صورة مثالية لأستاذ وأخ يمتاز بالصدق والنقاء والكرم والتدين ودماثة الخلق وطيب المعشر .. و تشرفت حديثا بالتعرف عليكم العام الفائت من خلال إحدى الفعاليات الثقافية التي قمتم برعايتها و دعمها بكرم ومسؤولية الأمر الذي امتد بنا للتعرف أكثر على فكركم السياسي وتوجهاتكم للخدمة المجتمعية فما كان إلا أن رأينا بوضوح فيكم طاقة كبيرة موجهة بحب و اقتدار للخدمة العامة دونما طمع بمنصب أو رغبة بظهور .. كما يعرف أبناء كفرنجة جميعهم بأنكم كنتم أحد المرشحين لخوض الانتخابات النيابية السابقة بقوة لدى عشيرة الفريحات المحترمة فما كان منكم إلا أن سجلتم مأثرة في حب الوفاق والاتفاق وتقديم أحد أبناء عمومتك الطيبين الذين كان النجاح حليفه .. واسمح لنا بالقول بإنه رغم أن اللقاءات التي جمعتنا بكم قليلة جدا إلا أنها رسمت في ذهني صورة واضحة لشخصية عصامية نزيهة متدينة خلوقة محبة للخدمة و قادرة على تحقيقها ..
أتمنى وأنت تنظر بعمق و شمولية لقضية الخدمة و القيادة أن تواصل طريق كفاحك واجتهادك .. فالمجتمع يتطلع من أبنائه القادرين المقتدرين أمثالكم مزيدا و مزيدا من العطاء .. و أسأل الله لكم التوفيق ..
المحامي مصطفى احمد الفريحات
اشكر الجميع على الكلمات المعبره للدكتور ياسين وللشيخ موسى وللاخ عقاب الجبالي واسال الله ان نلتقي دائما وابدا بمحبتكم على الخير والبركة
وساخص الدكتور سفاح بهذا الرد :
الدكتور سفاح الصبح المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كم أنا سعيد بتواصلكم معنا رغم طول انقطاع .. و اسمح لي بشكرك على الكلمات الطيبة التي صدرت منكم بداية بحق شقيقي الاستاذ موسى فريحات .. وعلى الكلمات الطيبة في حقنا .. و انتم بحق رمز من رموز العمل العام الذي اعطى كثيرا لمجتمعه و وطنه .. و نعدكم بأن نبقى خدما للمجتمع حريصين على عدم انزلاقه و انحرافه بكل ما أوتينا من قوة وقدرة .. و مرة اخرى اشكرك على هذه الثقة بنا و نقول بأننا مقصرون و اهلنا يستحقون .. و ادعو الله ان يثبتنا و اياكم وان يجعل عملنا كله خالصا لوجهه الكريم .
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .