ممدوح النعيم
ما زال البعض يحاول أن يقدم النظام السوري السابق بأنه النظام العربي الوحيد القادر على المقاومة والمواجهة، لا بل إنه واجه وتحدى الضغوطات الدولية ورفض أن يصافح أو يسلم أو أن يجلس مع دول الرجعية والإمبريالية ودول الاستسلام والتطبيع. نظام الأسد، في ظل رؤية مؤيديه، هو صاحب الفعل المقاوم الذي صمد بوجه كل التحديات التي تكالبت عليه، دون أن يتحدث أو يشير أحد من هؤلاء الداعمين عن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يعاني منها الشعب السوري.
هل من المعقول أن أولوية دولة المقاومة هي بقمع وتجويع شعبها؟ أولوية المقاومة بالاعتقال والتنكيل الذي يُمارس على شعبها؟ كيف لدولة مقاومة وممانعة أن تقاتل دون شعب يلتف حولها، مؤمن بأهدافها، يضحي لأجلها، لا أن يضحى به لصالح النظام وبقاءه؟ سمعنا من يتحدث عن بطولات وتضحيات نظام الأسد، لكننا لم نسمع من أولئك الذين يشبعوننا بيانات شجب واستنكار وبكاء وعويل على حقوق الإنسان في بلدانهم، لم نسمع لهم وقفة أو نقرأ بياناً حول واقع معاناة الشعب السوري من النظام المقاوم، أم أن أفعاله الإجرامية تهون أمام الهدف السامي والشعارات التي ترضي غرور البعض وتدغدغ طموحاته الثورية؟
النظام السوري السابق، الذي حكمه بشار الأسد، شكّل واقعاً صعباً في حياة الشعب السوري وترك خلفه الكثير من المآسي والعذابات. الفساد، وما أدراك ما أركانه وأدواته، كان منتشرًا في مختلف مستويات الدولة، وأدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي على الرغم من ثراء سوريا بالموارد الطبيعية.
اسأل لمن تعود العوائد المالية على المعابر الحدودية، اسأل من هم أبرز المستثمرين في القطاع الخاص ولمصلحة من عدلت القوانين والتعليمات، اسأل عن واقع التجارة في اللاذقية والموانئ، اسأل عن شركات الاتصالات الخلوية، اسأل عن التهريب، خاصة المخدرات بأدوات وتقنيات غير عادية. اسأل عن تحكم بعض العائلات والمقربين من النظام في الاقتصاد، مما أدى إلى تفاقم الفقر والبطالة.
أما في مجال حقوق الإنسان، فحدث ولا حرج. اشتهر النظام بقمعه للمعارضة وانتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان، مما أدى إلى اعتقال الكثيرين وتعرضهم للتعذيب، فضلاً عن انتشار الفقر والتشريد بين السوريين. وما سجن صيدنايا ببعيد، وليس من الحق أن يدعي البعض بأن هناك من اتخذ من قصة السجن حكاية لإضعاف حقيقة النظام المقاوم لكافة أشكال الضغوطات التي مورست عليه من أجل التصالح مع كيان الاحتلال، وهي مقولة مكررة عن مقولة سابقة عندما قيل “احتلت الأرض لكن النظام لم يسقط”.
سجون نظام الأسد حكاية عجزت عن استيعابها عقول الأسوياء. ولعل السؤال: ما ذنب من فقد عقله أو بصره أو أطراف من جسده أن يبقى داخل السجون؟ وأين أنتم بادعاءات المقاومة من ذكر حقوق الإنسان عندما كنتم تحتسون نخب الانتصارات الوهمية؟ أين انسجامكم مع القيم التي تدعون، وأنتم ترون وتسمعون مرارة الشعب السوري في السجون؟
أما التعليم الجامعي في سوريا فقد كان محل إعجاب وتقدير عند كل الشعوب العربية، إلى أن حول نظام بشار الجامعات إلى أدوات تجنيد وأوكار للطائفية والاستغلال. فأصبح أزلام النظام هم المسيطرين على مرافق التعليم العالي، فغادر العلماء واعتقل البعض الآخر وصمت على مضض آخرون وتحولت مباني الجامعات إلى جداريات ولوحات وشعارات الحزب القائد .