باسل الرفايعة
العُرسُ عِنْدَ الجيران ..
باسل الرفايعة
ما هذا العرسُ الذي عند الجيران. أعني الْيَوْمَ العالميّ لحقوقِ الإنسان، وقد صادفَ اليوم. في هذه الصدفةِ العجيبة، وهي تتجلَّى على كيفها. يا للنكتةِ، والتناقضِ في العبارة: حقوق، وإنسان!
الحقوقُ لا نعرفها. يعرفها الخيّاطُ الذي يفصِّلُ لنا الثوبَ على مقاسهِ، فنرتديه، ونشكرهُ على أنه ثوبٌ قصيرٌ، على المنهجِ السلفيّ، والحمدُ لله. أما الإنسان، فهو كائنٌ خرافيٌّ، يُقالُ أنه يعيشُ في العالمِ الآخر، ويحقُّ له التظاهرُ أمامَ قصر الرئيسِ، وشتمهِ، ومن نافلِ القول أنه يدفعُ الضرائبَ، ولا تسرقها عطاءاتُ الطرقِ، ولا مياوماتُ الوزراء، ولا مؤسساتُ تشجيع الاستثمار.
العُرسُ عِنْدَ الجيران، في اليومِ العالميِّ لحقوقِ الإنسان. أولئك الذين يسكنونَ على الضفةِ الأخرى من البحر الأبيض المتوسّط. ما كلُّ هذا الضجيج يا جيرانَ البركة. لا بدَّ أنكم تسمعون موسيقي، وتشربون نبيذاً، وهذا الحفلُ مختلطٌ. الرجاء خفضُ مكبِّرات الصوت، نريدُ أنْ ننامَ القرنَ الحادي والعشرينَ كاملاً، وقبلَ ذلك، إليكم موجزُ حالنا:
* مساعداتكم لتأهيلِ الريفيّات، وبناء المراكز الصحيَّة ضاعَ نصفها. وبنينا مساجدَ، وأنفقنا على تأهيلِ الأئمةِ من النصف الآخر.
* وضعنا قوانينَ لمكافحة التدوينِ والتغريد على التواصلِ الاجتماعي. وإذا غرَّدت العصافيرُ، فكونوا متأكدين أننا سنضربها جميعها بحجَرٍ واحد. أمَّا الغربانُ، فقد تحالفنا معها، ولكن ضمنَ مقاصدِ الشريعة، ووفقاً للضوابطِ الشرعيّة.
* مريم تزوَّجت من ابن الجيران، ولديها أربعةُ أولاد، وبنتان، وَلَنْ نمنحَ أيّاً منهم الجنسيّة.
* عوّاد نفسه (الذي أحرقَ المصنع)، أصبحَ صحافيّاً في جريدة حكوميّة، وكتبَ مقالاً، ينتقدُ فيه التعليمَ الخاص، ويتساءلُ عن الأموال التي دفعها الأوروبيون لتدفئة المدارس الأقلّ حظاً. عوَّاد باتَ الأكثرَ حظَّاً، فقد فصلتهُ الصحيفةُ فقط، وهو تحت الرقابة، لئلا يحرقَ المطبعة.
* البرلمان ممتاز. وقد انتخبناه، في انتخابات ‘حرّة ونزيهة’، وقد منحَ الثقةَ للحكومة، وطردَ عنها الجنّ، وعلَّمها أنْ تُطعمنا بالنظر، على طريقة السلاحف.
* طلاّبنا تراجعوا على المؤشرات الدولية في مادتي العلوم والرياضيات، ولكنهم متقدمون في دروس المحفوظات كاملةً، ونتحدى طلبةَ الإتحاد الأوروربيّ أنْ يتقدموا علينا في حفظ دعاءِ الحمّام، ودعاء السَّفر، بواسطة الناقة، فهي ليست كالطائرة. لها ‘وعثاء، وكآبة منظر’.
ما عدا ذلك، فالحريّاتُ العامةُ في أحسنِ حالٍ، والحكومةُ لا تتجاوبُ مع التحريض ضدَّ الكتّابِ، ولا يقتلونَ أمامَ قصر العدل، والتشريعاتُ مدنيّة، مثل الدولة، حتى أنَّ جرائمَ الشرف في سويسرا أعلى من مثيلتها في الأردن.
أيها الجيران. احتفلوا باليومِ العالميِّ لحقوق الإنسان، والرجاء عدم الإزعاج، وإلا شكوناكم للمحافظ، تبعاً لقانون ‘منع الجرائم’.. الذي يتولاهُ الحكّامُ الإداريون في بلادنا.. وَلَيْسَ القضاء.