كمال زكارنة
بعد أن فشلت جميع المحاولات التي اتبعتها السلطة القائمة بالاحتلال في الاراضي الفلسطينية المحتلة، التي تهدف في الاساس الى تفريغ الارض من سكانها واصحابها الشرعيين، الشعب الفلسطيني، اذ لا يمكن ان يقتنع المتحل بأية فائدة اوجدوى او تحقيق نتيجة ايجابية، تصب في مصلحة تحقيق هدفه الاستراتيجي، وتنفيذ مشروعه التاريخي في فلسطين التاريخية، ما دام الشعب الفلسطيني صامد في ارضه ومتمسك بالبقاء في وطنه، ويقبض على جمر ترابه مهما بلغ الثمن والكلفة.
استخدم الاحتلال كل انواع التنكيل والارهاب والبطش والتعسف، مصادرة الاراضي وبناء المستوطنات، اعتقال، قتل، حصار، هدم منازل، خنق اقتصادي، وجميع انواع التعذيب، وغير ذلك من ممارسات وسياسات التهويد، وظل الشعب الفلسطيني صامدا ثابتا في ارضه، يفترش حطام منزله الذي يجبر على هدمه بيده، ويصبر على كل انواع الاذى والعذاب ويتحدى ويقاوم ويهاجم، ولم يرحل.
اليوم، ينتقل الاحتلال الى المرحلة الاكثر خطورة، من اجل اجبار الشعب الفلسطيني على الرحيل، والتي تلخص حرب الوجود الحقيقية، وهي انفلات قطعان وعصابات المستوطنين، وتشكيل مجموعات منهم، تهاجم القرى والمدن والمخيمات الفلسطينية، في فلسطين المحتلة، وتوفير الحماية اللازمة لهم من قبل جيش وشرطة الاحتلال واجهزته الامنية المختلفة، ومباركة رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت لهذه الاعتداءات وتشجيعها والدفاع عنها، وتوظيف علاقات وسياسات الاحتلال للتصدي لأي نقد او اعتراض دولي على هذه الممارسات الاجرامية.
لم تفلح كل سياسات واجراءات وممارسات الاحتلال القمعية المتبعة ضد الشعب الفلسطيني في اجباره على الترانسفير، ورغم انه ما يزال يستخدمها يوميا، الا انه قام بتطويرها وتصعيدها اكثر فأكثر،ضد شعب اعزل لا يملك الا ارادة الصمود والصبر والتحدي، وبهذا النهج العدواني الجديد، يحاول الاحتلال ان يظهر امام العالم، ان الصراع الآن يدور بين مدنيين اسرائيليين ومدنيين فلسطينيين، لكن شتان ما بين الاثنين، لأن الاسرائيليين مستوطنين مدججين بالسلاح ويحميهم جيش وشرطة الاحتلال واجهزته الامنية، فيما لا يملك الفلسطيني اية وسائل دفاعية عن النفس.
الخطورة ليست فقط بالاعتداءات التي يقوم بها المستوطنون، وانما ايضا، بردات الفعل الدولية، التي لا ترى في هذه الاعتداءات انها ترقى الى مستوى الافراط باستخدام القوة العسكرية من قبل جيش الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، رغم انها اكثر بطشا وفتكا وخطورة.
اليوم يفقد المواطن الفلسطيني الامن والامان بالمطلق، مع انفلات قطعان المستوطنين الذين يلاحقونه في كل مكان، حتى وهو داخل منزله، ويدمرون ممتلكاته ويعتدون عليه ويحاولون قتله، الامر الذي يتطلب توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني باقصى سرعة ممكنة.
اصبح المستوطنون اليوم يشكلون خطرا حقيقيا على حياة المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، ولا احد يضبطهم او يوقف جرائمهم واعتداءاتهم، ويقومون بدور جيش الاحتلال في القتل والارهاب والقمع ضد الشعب الفلسطيني، مما يستدعي قيام المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الاخلاقية والانسانية، تجاه شعب محتل اعزل يتعرض لابشع انواع التطهير العرقي التي عرفتها البشرية.