حسين دعسة
في 22 كانون الأول من عام 2006، قال الملك عبدالله الثاني، مخاطباً نخب وقادة كبار في معهد اليابان للشؤون الدولية: «إن هذه هي زيارتي الثامنة إلى هذا البلد العظيم،ويأتي توقيت زيارتي في فترة انتقال مهمة لليابان والأردن، ففي العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية، شكّلت اليابان صورتها كقوة اقتصادية عالمية وكداعية لإحلال السلام العالمي».
وقتها لفت الملك الى طبيعة العلاقات المختلفة الحضارية بين الأردن واليابان، فقال: «واليوم، يرنو رئيس الورزاء آبي إلى رؤية «اليابان الجميلة»، اليابان المتجذّرة في قيمها التقليدية، القائمة تحت مظلة المجتمع الحرّ.. اليابان التي تتمتع بالمكانة الجديرة بها على المسرح العالمي».
بالأمس، فاض حزن جلالة الملك عبدالله الثاني، إبان مراسم الجنازة الرسمية لرئيس الوزراء الياباني الأسبق شينزو آبي، التي أقيمت في قاعة نيبون بودوكان في طوكيو،» شينزو» كانت يد الإرهاب والتطرف اغتالته في تموز الماضي، في ذروة جولات انتخابية داخل اليابان.
أما لماذا نتذكر خطاب الملك في «معهد اليابان للشؤون الدولية»، في طوكيو؟.
فالأمر، يعزز مدى ثقتنا برؤية الملك الهاشمية السامية، التي تنبع من انفتاح وتواصل وعلاقات مع المجتمع الدولي، يتناولون الفكر الهاشمي النبيل، بوعي قادة المنطقة والإقليم، إضافة إلى قيادة الملك، للمملكة الأردنية الهاشمية، كنموذج للأمن والأمان واستشراف المستقبل.
وما زالت اليابان قوة لها مكانتها ورأيتها، وهي تتفهم أزمات العالم من واقع الخبرة والعلاقات الثنائية، فما قاله الملك في 2006،بات يتضح اليوم بما آل اليه العالم: «والآن كذلك والأردن والعالم يواجهان تأثيرات الأزمات التي تمر في منطقتنا، أصدقائي، بالنسبة للأردنيين، فإن ما تقوم به اليابان يُجسّدُ معنى القيادة العالمية ونحن نقدّر صداقتكم ونحترمها بعمق».
في لقاءات الملك المهمة على هامش زيارته اليابان، هناك حرص وإصرار على تعزيز واستدامة دعم اليابان، في المجالات كافة، ما يعد إسهاماً أساسياً بصورة خاصة لجهود الأردن الإصلاحية التي شملت العديد من المجالات–السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.. والرؤية هنا، أن الملك كان مشغولاً بإستراتيجيات الإصلاحات التي، قال عنها: “سوف تساعد على إدامة التنمية، وتعزّز مشاركتنا في الاقتصاد العالمي”.
في أجندة الملك عبدالله الثاني، اتجاهات سياسية واقتصادية وتنموية وثقافية، إضافة إلى الطبيعة الأممية للدبلوماسية الأردنية–اليابانية التي تقوم على الأمن والسلام والجمال.
*في الاتجاه الأول:
شكل لقاء الملك مع رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، علاقات الصداقة المتينة والممتدة بين البلدين ومجمل التطورات إقليمياً ودولياً.
مشيداً، الملك بالتاريخ السياسي الإنساني الذي شكله الراحل شينزو آبي، وبدوره العميق في بناء جسور التعاون والتنسيق مع الأردن والمنطقة.
أيضاً ضم هذا الاتجاه، سعي الملك نحو الحرص على البناء على جهود رئيس الوزراء الأسبق الراحل بمواصلة توسيع التعاون والشراكة بين الأردن واليابان في المجالات كافة.
تعزيز الشراكة مع الأردن، و توطيد العلاقات مع الأردن كمحور للاستقرار في الشرق الأوسط، حديث إبداع بعمق سياسي، رئيس الوزراء الياباني، مبديا تطلع اليابان ومشددا على أهمية البناء على هذه الجهود المشتركة بين الأردن واليابان.
* الاتجاه الثاني:
ضرورة إدامة التنسيق والتشاور إزاء مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يحقق مصالح البلدين والشعبين الصديقين، ويعزز الأمن والسلم العالميين، شكلت منطلقاً أساسياً تحقق مع لقاء الملك ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، تعزيزا لبنى علاقات الصداقة المتينة، وفق وعي ضرورة العمل المشترك نحو تكثيف الجهود الدولية للتوصل إلى حلول سياسية للأزمات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، فالملك شدد على ضرورة إعادة تحريك عملية السلام على أساس حل الدولتين، مشيداً بموقف اليابان الداعم لجهود السلام.
* الاتجاه الثالث:
وضع الاجتماع بين الملك عبدالله الثاني، ووزير التجارة والصناعة والاقتصاد الياباني ياسوتوشي نيشيمورا، نقطة تحول في اتجاه العلاقات الثنائية الأردنية اليابانية، لبحث سبل توسيع التعاون الاقتصادي بين البلدين.
الملك، برؤيته الفكرية القيادية، استعرض بعضا من جوانب نجاح الحكومة والدولة الأردنية في وضع استراتيجيات رؤية التحديث الاقتصادي للأردن والقطاعات التي يمكن التعاون فيها مع اليابان، مثل المياه والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فضلا عن التعامل مع آثار التغير المناخي.
وبروح قيادية، لفت الملك إلى ضرورة التعاون على المستويين الإقليمي والدولي للتصدي لتحديات الطاقة والأمن الغذائي الناجمة عن انعكاسات الأزمة في أوكرانيا، في وقت باتت فيه هذه الازمة تشغل وتشل تعافي العالم بعد أزمة جائحة كورونا.
وكان لافتاً أن وزير التجارة والصناعة والاقتصاد الياباني، يشيد ويعزز من دور الأردن في تعزيز التعاون الاقتصادي في الإقليم، وجهوده في استضافة اللاجئين.
بين اليابان والأردن، في عهد الملك عبدالله الثاني، كل التشاركية والتواصل والدعم المقترن بالثقافة والسمو الحضاري.