مصطفى الريالات
مرةً أخرى تُثبت الأحداث أن محاولات تغييب الأردن عن الملف الفلسطيني، أو عدم التنسيق معه ستؤدي حتمًا إلى تفاقم الأزمة.
يُدرك العالم محورية الدور الأردني، وثقل جلالة الملك؛ فتوالي الاتصالات الدولية مع جلالته، وبالقطع استشعار قادة العالم الأهمية القصوى للأردن وأرضيته الجامعة لكل القضايا المتعلقة بالمنطقة والإقليم على تنوعها، وعلى رأسها تحديدًا القضية الفلسطينية.
وفيما مارست الحكومة الإسرائيلية الشطط في التقليل من أهمية الرسائل الأردنية، بخصوص التوسع الاستيطاني والاقتحامات المتكررة
للمسجد الأقصى، فإن على العالم اليوم الانتباه بحرص شديد خلال الاستماع لرسائل جلالة الملك، وخصوصًا في القضية الفلسطينية كونه الوصي الشرعي التاريخي على المقدسات الإسلامية والمسيحية، نسج خلالها سياسات تحافظ على الهوية المقدسية المقدسة دينيًا وسياسيًا، فضلاً عن مصداقيته ونزاهته وما يتمتع به من ثقل في المجتمع الدولي.
فشلت سابقًا مثلما ستفشل لاحقًا، أي محاولة لتسويق مشاريع مشبوهة كصفقة القرن، التي اعتمدت بشكل مباشر على إقصاء الأردن كلاعب رئيسي في المنطقة، مما أدى إلى تدهور عملية السلام و الاستقرار.
وسيبقى الأردن على جبهة الثبات والصمود، في الدفاع عن حقوق الأشقاء الفلسطينيين، وفي حمايته للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس عبر الوصاية الهاشمية، التي حافظت على هوية المدينة المقدسة، وعلى مرّ السنوات باءت بالفشل كل محاولات القفز عن الدور الأردني في ملف القضية الفلسطينية، ذلك أننا مع الأشقاء في فلسطين في خندق واحد، ونحن الأقرب لهم ويربطنا معًا تاريخ وحاضر ومستقبل واحد.
واليوم مع تطورات الأوضاع في غزة، كانت الماكينة الأردنية في تحرك مستمر، هدفًا ومقصدًا في حماية الأشقاء المدنيين، جرّاء الاستفزازات المستمرة من قوات الاحتلال، وكانت مراكز القرار الدولي تعي وتدرك أهمية الدور الأردني، ولذا تلقّى الملك اتصالاً هاتفيًا من رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، قبلها كان جلالته يتلقّى اتصالاً من الرئيس الأمريكي جو بايدن؛ لبحث الأوضاع المتدهورة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وسُبل وقف التصعيد الخطير وحماية المدنيين، وكذلك جرت اتصالات مع الرئيس المصري، ورئيس الوزراء العراقي، والرئيس الإماراتي، والرئيس الفلسطيني، ورئيس الوزراء الكندي.
واليوم أمام ما نشهده من تطورات في قطاع غزة، فقد كان الأردن وسيظل كعادته، مقصدًا لدول العالم، وإطارًا رئيسًا لأي تحرك دولي فوري للتهدئة وحماية المدنيين، ولوقف التصعيد في غزة ومحيطها، وحماية المنطقة من تبعات دوامة عنف جديدة، وإيجاد أفق سياسي حقيقي لدفع عجلة السلام، ووقف جميع الإجراءات التي تُؤجّج التوتر، وتُقوّض فرص تحقيق حل الدولتين، الذي يشكل السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل، وضمان الأمن والاستقرار للجميع.
خلاصة القول: إنّ الأردن سيبقى داعمًا لحق الأشقاء الفلسطينيين، وسيبقى يقوم بدوره المحوري والمهم في المنطقة، رغم كل المحاولات القاصرة للقفز عن هذا الدور، والتي لا تدرك عمق العلاقة بين الشعبين ووحدة المصير، وتشابك القضايا، وسيبقى الأردن انطلاقًا من واجب الشقيق تجاه شقيقه، يمارس كل ما بوسعه من أجل وقف التصعيد في الأراضي الفلسطينية، والدفع بكل قوته وأدواته الدبلوماسية؛ من أجل نيل الأشقاء الفلسطينيين لحقوقهم المشروعة على ترابهم الوطني.