لا يكاد يخلو يوم إلا ونفجع بصديق أو قريب، توفاه الله إثر حادث سير نتج عن خطأ مروري هنا أو تهور هناك، أو أن الطريق تفتقر لادنى متطلبات السلامة المروية.. نزيف بشري ومادي مضطرد ومستمر تشهده مختلف طرق المملكة. تتعدد الاسباب والنتيجة مؤلمة، يداهمنا هذا الخطر المحدق يوميًا ويتسبب بخسائر كبيرة ومريرة ولا واعظ بتجنب كل السلوكيات الخاطئة التي تخلف الموت والحسرة على من نحب، برغم كل التحذيرات. الحوادث المرورية المميتة التي أضحت تتملك طرقاتنا وشوارعنا، تعود في معظمها للاخطاء البشرية المتكررة الناجمة عن طيش وتهور السائقين ما يخلف وراءه آلاف المآسي والاحزان بوفيات احيانًا وإصابات تتسبب بعاهات دائمة في أحيان أخرى. لا ينكر أحد دور مديرية الامن العام ممثلة بإداراتها ووحداتها المختصة بالحفاظ على السلامة المروية، فضلا عن الحملات التوعوية والتثقيفية المتعلقة بضرورة التقيد باجراءات السلامة المروية لتجنب اي خطأ قد يسبب الكثير من الخسائر على الصعيدين البشري والمادي. كل هذه التحذيرات والتي يرافقها مطالبات كثيرة بضرورة ايقاع اقصى العقوبات بمن يستهين بالالتزام بضوابط السالمة المرورية ويعرض حياة غيره للخطر، وبرغم تغليظ العقوبات والمخالفات، الا انه وللأسف لا يزال زهق الارواح مستمرًا. كثيرة هي مسببات الحوادث المرورية لكن وفق الدراسات والارقام المعلنة من الجهات ذات العلاقــة فان العامل البشري يبقى هو السبب الرئيس في هذه الحوادث ما يتطلب وقفة تأمل لماذا هذا الاستهتار بحياة الاخرين. الارقام الصادرة عن الامن العام بخصوص نسب وحوادث السير مرعبة ومقلقة تجعلنا نواجه مصير الموت في ترحالنا عبر هذه الطرقات، الامر الذي يتطلب التمعن بمثل هذه الارقام والسعي الدؤوب بشتى الطرق والوسائل المتاحة اليقاف نزيف الدم هذا. وفي هذا كشفت المديرية، مؤخرًا، عن تسجيل حادث مروري ينتج عنه خسائر بشرية كل ساعة، وكل 41 دقيقة يقع جريح نتيجة الحوادث المرورية وكل 3 ساعات يسجل حادث سير، فيما يتوفى كل 19 ساعة شخص بسبب هذه الحوادث. ونوهت المديرية بأن أكثر الايام تسجيلا للحوادث والاصابات كان يوم الخميس وبنسبة 18 %من إجمالي الحوادث المرورية، وإن 35 ألف حادث تقريبًا تقع سنويا بسبب عدم ترك مسافة أمان كافية والتتابع القريب، ووفق إدارة السير، فإن 461 مواطنا فقدوا نتيجة لحوادث السير في العام 2020 وأصيب 559 بإصابات بليغة نتيجة لعدم التقيد بالقواعد المرورية، خلال العام ذاته. الى متى ونحن نعيش هذه المآسي؟، الى متى ونحن نمارس الخطأ ونكرره ونتسبب بالحاق الاذى بالاخرين، هذا الواقع المؤلم يتطلب من الجميع تحمل مسؤولياتهم، للوقوف في وجه هذه السلوكيات ومن يمارسها يوميًا على طرقاتنا. الكثير يمارس سلوكيات أثناء قيادة مركبته وال يرى فيها أي خطر لكن لو تصالحنا مع انفسنا واستذكر كل واحد منا المواقف، لوجدنا أننا كدنا ان نتعرض لحوادث سير مميتة جراء القيام بهذه الافعال وفي مقدمتها استخدام الهاتف النقال. مديرية الامن العام بثت فيديو توعويًا شبهت به الهاتف النقال واستخدامه اثناء قيادة المركبة بالقنبلة التي قد تنفجر في اي وقت وفي اي لحظة وهذا هو الواقع، لأن هذا السلوك تسبب بالكثير من الحوادث القاتلة، وكاد ان يتسبب بكوارث مرورية أكبر. المطلوب اليوم، أن ندرك حجم وعظم الكارثة وتداعياتها الصحية والنفسية والاجتماعية والاسرية والمالية على الجميع، فالكل خاسر، وتأذى من ذلك، ما يدفعنا لبذل قصارى جهدنا لوقف هذا الخطر القاتل التي يتربص بنا من كل حدب وصوب. يتملكني الخوف والقلق عندما نسلك طرق وشوارع المملكة لاننا نشتم رائحة الموت تفوح من جنباتها، فلماذا الاستهتار بالارواح ولماذ نجلب الحزن دومًا بفقد من نحب، لنتقِ االله في أنفسنا ووطننا، ونكون يدًا واحدة لوقف هذا الموت