علاء القرالة
في الواقع أسعار المياه التي تباع لدينا في المملكة تعتبر من أقل الأسعار في العالم مقارنة مع شحها وفقرها وعدم توفرها وهذا يستدعي أحد الامرين أولهما أن يتم مراجعة التعرفة وبما يتوافق مع الواقع المائي لدينا وثانيها أن تقوم الحكومة بتخصيص هذا القطاع ولعل هذا الخيار افضلها وانجعها، فتكتفي بالدور الأشرافي عليها كما كثير من القطاعات لكي تكفينا وتكفي نفسها نزاع وجدلية رفع اسعارها.
رخص اثمان وتعرفة المياه في المملكة تشير لحالة تناقض كبيرة فاذا كان تحديد الأسعار لاي سلعة يتم وفق معادلة الطلب و العرض، فان أسعار المياه يجب أن ترتفع وخاصةأن المعروض منها وبحسب الواقع المائي لدينا تؤكد على انها تفوق الطلب عليها بكثير، ما يدفعنا في كل عام إلى استيرادها من الخارج والذهاب الخيارات مجبرين عليها لتأمين هذه السلعة المهمة والحساسة، وبالرغم من ذلك ما زلنا نشهد كل يوم على عمليات هدر تفوق نصف حاجتنا منها، وهذا ان دل فيدل على أمر مهم وهو غياب حس المسؤولية لاستخدامها نظرا لرخص اثمانها مقارنة مع غيرها من السلع وتحديدا الكهرباء.
وبالرغم اننا من افقر دول العالم مائيا حيث نحتل المرتبة الثانية عالميا بشحها وفقرها، وكذلك من الافقر في حصة الفرد المائية والتي تعتبر من الأقل عالميا إذ تبلغ 100 – 130 مترا سنويا، بينما حصة الفرد بالعالم تصل الى 7500 متر مكعب، ومع هذا كله فلا يعقل أن يشكل الفاقد المائي لدينا ما يقارب 46 % ولأسباب مختلفة واهمها الاعتداءات وسوء الاستخدامات غير المشروعة وتراجع كفاءة الشبكات وقدمها، ما يجعل من مراجعة تعرفتها امرا محقا ويجب الذهاب اليه سريعا تزامنا مع العديد من الاجراءات الاخرى والتي منها صيانة الشبكة وتغليظ العقوبات على سرقتها والتعدي عليها.
في الواقع اذا ما أردنا عدم رفع اسعار المياه وتعرفتها خلال السنوات القادمة، على الحكومة أن تذهب في هذا الملف إلى القطاع الخاص وتخصيص هذا الملف وان تخرج من عباءة الرعاية لهذا الملف وأن تنأى بنفسها عن الدور التنفيذي باتجاه الدور الرقابي، فالقطاع الخاص سيكتفي بتحقيق الربح من وقف الهدر في المياه والناتج عن صيانة شبكات المياه المهترئة ووقف الفاقد فيها والذي يصل إلى 30% من كميات المياه لدينا وسيكتفي أيضا في محاربة السرقات والتعدي عليها فهو الحريص على ممتلكاته أكثر من القطاع العام الذي أصبح البعض يستبيح التجاوز عليه.
في ملف (المياه) الحقيقة واضحة وضوح الشمس فالقطاع العام ليس له قدرة على إدارة هذا الملف في ضوء الواسطات والمحسوبيات وغيرها من التصرفات التي باتت تنعكس علينا نحن معشر المستهلكين فاذهبوا بنا باتجاه تجربة الاتصالات والكهرباء وغيرها من القطاعات و التي سلمت للقطاع الخاص وترك الأمر للتنافس فيما بينها بينما نحن من يجني ثمار هذه المنافسة ايجابيا، وكفانا ايضا الاختباء وراء الدور الرعوي الذي أصبح ضرره أكثر من نفعه عليكم وعلينا خصصوا هذا القطاع فورا والا كانت العواقب وخيمة وللحديث بقية.