عوني الداوود
أكثر من رسالة واضحة ومباشرة تضمنتها زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني يوم أمس الى «مشروع العبدلي» و»مستشفى العبدلي»، وكلها رسائل تصب في عنوان رئيس لطالما أكد عليه جلالة الملك وهو (الاستثمار) ولا شيء يتقدم على الاستثمار كأولوية، اذا ما أردنا النهوض بالاقتصاد الوطني ورفع معدلات النمو وخلق وظائف للشباب خصوصا في ظروف صعبة فرضتها جائحة لم تستثن أحدا من أقتصادات العالم الا وأضرت به بصورة أو بأخرى.
خلاصة الرسائل يمكن الاشارة اليها على النحو التالي:
1- أن لدينا في الاردن بالفعل «قصص نجاح» تستحق التوقف عندها ودعمها، وتستوجب بذل مجهود مشترك لترويجها وتسويقها، وفي مقدمتها «مشروع العبدلي» الذي تشير الارقام إلى (حجم استثمار 2.4 مليار دولار في المرحلة الاولى – يوفر نحو 10 آلاف فرصة عمل – يضم أكثر من 460 شركة منها مكاتب لبنوك ولشركات عالمية مثل أمازون وهواوي وLG وBIgo).
2- لدينا «قصص نجاح» في القطاع الطبي الاردني، تتمثل في «مستشفى العبدلي» أيضا والذي يعتبر أنموذجا للنجاح في السياحة العلاجية، وللنجاحات التي يحققها الأردن في القطاع الطبّي رغم كل التحديات التي فرضتها جائحة كورونا، وهو أستثمار يقدر بنحو (350 مليون دولار ويوظف 626 أردنيا وأردنية، ويضم نخبة من الكوادر الطبية والتمريضية والادارية والفنية على مستوى رفيع عالمي المستوى والاحتراف).
3- توجيهات جلالة الملك كانت واضحة للحكومة للاستثمار في قصص النجاح، يمكن البناء عليها وذلك بتوجيهات مباشرة من أجل:
– ازالة العقبات التي تواجه المستثمرين.
– مراجعة «قانون الاستثمار» لمواصلة تطوير وتسهيل الاجراءات.
4- زيارة جلالة الملك لهذين المشروعين يوم أمس بالأضافة الى الزيارات المتواصلة من جلالته للعديد من قصص النجاح التي يزخر بها الوطن هي رسائل متواصلة ودائمة الى الحكومة وجميع الحكومات المتعاقبة لضرورة التواصل «الميداني» مع المستثمرين والقطاع الخاص للوقوف على أحتياجاتهم، وتقديم جميع سبل الدعم المطلوبة من أجل القيام بدورهم في بناء الأقتصاد الوطني، خصوصا وأن القطاع الخاص هو القادر بمشاريعه على رفع معدلات النمو إلى نسب يمكن من خلالها المساهمة بحل مشكلة البطالة وهي المشكلة الاكبر محليا واقليميا وعالميا في «زمن كورونا».
5- وجود مثل هذه الاستثمارات الكبرى وسط العاصمة عمان، ووجود مكاتب لشركات عالمية، ومستثمرين من الاردن ولبنان والامارات والسعودية والكويت، وبهذا الحجم من الاستثمارات، لم يأت صدفة ولا مجاملة، بل هو تأكيد على ثقة كل هؤلاء المستثمرين بالاردن كبيئة جاذبة للاستثمار بفضل قيادة جلالة الملك، وللأمن والاستقرار، وسلسلة من عوامل الجذب التي باتت بحاجة للبناء عليها وتطوير منظومتها، ليبقى الاردن قادرا على المنافسة وسط أقليم سريع التطور، وشديد المنافسة.
6- المرحلة تتطلب التركيز على أستثمارات بعينها في كل منطقة أو مدينة أو محافظة في المملكة، فاذا كانت «العبدلي» فرصة للاستثمارات الصحية والطبية والسياحية والتجارية والمالية، فأن هناك فرصا لمشاريع الطاقة والسياحة في محافظات الجنوب على سبيل المثال وفرصا لمشاريع السياحة في الوسط والشمال، علاوة على مشاريع المياه والنقل في كافة أنحاء المملكة وكل ذلك يتطلب مراجعة مستمرة وخلاقة ومتطورة للخارطة الاستثمارية في المملكة.
7- رغم الشكوى المتكررة من القطاع الخاص والمستثمرين من عدم ثبات التشريعات الناظمة للاستثمار، ورغم وجود نحو (44 قانونا) و(1080نظاما) و(800 تعليمات) كلها تنظم البيئة الاستثمارية بحسب تصريحات حكومية رسمية ، الا أن المرحلة تستوجب مراجعة لقانون الاستثمار من أجل التطوير وتسهيل الاجراءات لازالة جميع صور البيروقراطية، وتعظيم القدرة على المنافسة في منطقة باتت جميع الدول تتسابق على تقديم المزيد من الحوافز لجذب الاستثمارات والمستثمرين.