أبو علي زلمه متقاعد مدني، خدم ثلاثين سنة وطلع صفحة بيضاء من الوظيفة ولم تُسجل بحقه طوال خدمته أي مخالفة أو تقصير ولا حتى تنبيه شفوي ولا تأخير عن الدوام …وعندما سُأل عن سر نجاحه وانضباطه بالدوام، قال: خدمت مع أكثر من عشر مدراء وكل مدير يأتي يكون مختلف عن سابقه بطباعه وصفاته وأسلوبه وإدارته حتى بطريقة تفكيره …وكنت أنا لا أتغير ولا أختلف باختلاف المدير ولا أميل لسياسته التي ينتهجها في الإدارة ،فقط أحترم وأُطَبّق ما يعمم على الجميع … ولم أكن مادحاً يوماً لمدير ما ولا حتى ناقداً (يعني شبه وسطي ) … فكنت هكذا من أول يوم وظيفي إلى آخر يوم ….ولما سألوا ( أبو علي) عن أكثر شيء يزعجه في الوظيفة … أجاب قائلاً : أكثر ما يزعجني وربما يزعج الجميع هو مصطلح جماعة المدير …أو هذا محسوب أو من المحسوبين على المدير ، فهذه الثلة التي يطلق عليها جماعة المدير تكون مكونة من ثلاث إلى خمس أشخاص ، وربما تجد أمثالهم بكل دائرة وبكل مكان عمل ، ومن صفاتهم أنهم يتغيرون بتغير مديرهم أي لا يوجد لهم صفات خاصة فيهم وإنما صفات مكتسبة من مديرهم ورئيسهم الحالي وكلما جاء مدير جديد أخذوا صفاته وطباعه حتى في شرب الشاي والقهوة ، إذا كان المدير لا يشرب القهوة لا يشربوها طوال فترة وجوده بالخدمة ، وتجدهم مادحين وحامدين لسياسة الإدارة الموجودة رغم تقصيرها وفشلها وينتقدوا ويذموا سابقيها… (كلما جائت أمة لعنت أختها)… فمن أول يوم يتسلم المدير مهامه تجدهم يلتفوا حوله وعلى قول ( والله يا عمي الكرسي ما بلبق إلا لصحابه … فعلاً أخدم مع السبع لو يوكلك … من زمان تعال استلم والله متنا لما خلصنا من المدير القديم…. ) والمشكلة هذا الكلام حكوه للي قبله ورح يحكوه للي بيجي بعده ، وبعد ما يخلصوا مدح وثناء للمدير وتكبير رأسه ، بيجي دور جرد الموظفين قدامه ( فلان مش مزبوط ، فلان حرامي ، فلان ما بستحق الترقية ، وفلان من جماعة المدير السابق ، وفلان جاسوس ) يعني بخلّو الرئيس يحمل على فلان وعلان وهو بعده ما تعامل معهم …فهذه الثلة من الناس هم سبب فساد وخراب أي موقع عمل ، فإذا دارت بك الأيام وحدثوك عن فلان بأنه من جماعة المدير فلا تتعامل معه لأنه فاسد وسرعان ما يقلب وينقلب عليك لأنه لا يحمل صفات أصيله وخاصة به وإنما صفات مكتسبة.