د.منصور محمد الهزايمة
يُصنف منتدى الاقتصاد العالمي الذي يلتئم في يناير من كل سنة في منتجع دافوس الشتوي في سويسرا بأنه منظمة عالمية غير حكومية تهدف إلى تطوير العالم عن طريق تشجيع الأعمال والعلوم والسياسات ويتمتع بعضوية ما يزيد عن ألف من أهم الشركات عالميا وقد تأسس سنة 1971.
يعتبر مؤشر المنتدى لقياس جودة التعليم الأهم عالميا لتحديد مستوى وترتيب الدول على مستوى العالم على اثنتي عشر فئة يتم جمع البيانات حولها بطرق عامة وخاصة ويغلب عليها طابع استبيانات الرأي العام.
هذه الفئات هي” ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ، الابتكار، ﺑﻴﺌﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻜﻠﻲ، ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ، ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ﻭﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺐ، ﻛﻔﺎﺀﺓ ﺃﺳﻮﺍﻕ ﺍﻟﺴﻠﻊ، ﻛﻔﺎﺀﺓ ﺳﻮﻕ ﺍﻟﻌﻤﻞ، ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺳﻮﻕ ﺍﻟﻤﺎﻝ، ﺍﻟﺠﺎﻫﺰﻳﺔ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ، ﺣﺠﻢ ﺍﻟﺴﻮﻕ، ﻭﺗﻄﻮﺭ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺍﻻﺑﺘﻜﺎﺭ”.
المنتدى نفسه يتعرض لإتهامات شتى منها أنه نادي الثراء العالمي والمقياس بدوره يتعرض لكثير من النقد لكن المشكلة تكمن بأنه لا يوجد بديل عربيا يمكن أن نعتمده لنتّعرف بموضوعية على واقع التعليم في أقطارنا ولو وُجد لانحاز تبعا لما يُخشى منه دائما أن يحابي الأنظمة خاصة المستبدة منها. المقياس للعام 2015 أخرج ست دول عربية من المنافسة دفعة واحدة باعتبار أنها لا تمتلك مقومات الحد الأدنى للمنافسة وهي”اليمن،سوريا،العراق،ليبيا،السودان،الصومال” بينما جاءت الشقيقة الكبرى في ذيل القائمة متقدمة على دولة واحدة فقط أمّا دول غربنا العربي بدورها فاحتلت مراكز متقدمة إذا قرأنا القائمة من الذيل.
دولة قطر احتلت المرتبة الأولى عربيا والرابعة عالميا وتقدمت دول خليجية أخرى مثل الإمارات والبحرين بينما كانت مرتبة أكبر دول الخليج وأكثرها سكانا وهي العربية السعودية غير مرضية واحتلت بعض الدول العربية خارج اطار الخليج مثل لبنان والاردن مراتب ملفته مع ضرورة التمييز دائما بين مستوى المخرجات وجودة التعليم.
غالبا ما يذهب البعض في تفسير هذه النتائج إلى الربط مع التمكين الاقتصادي لا غير ولا ينكر دوره لكن التجربة العالمية اثبتت أن جودة التعليم قد تتحقق دونه فربط نتيجة قطر تحديدا بعوامل اقتصادية بحتة مجافي للحقيقة لكن إيمان القيادة القطرية بقيمة التعليم في الحياة أوصلها الى ترتيب متقدم ومقدرعربيا وعالميا.
سنغافورة تربعت على رأس القائمة وهي دولة صغيرة المساحة وقليلة السكان تقع في محيط إسلامي لكن سياسات الرشد التي انتهجتها انعكست في أكثر من مجال في الحياة وإذا عرجنّا على السياسة فهذه الدولة لها علاقات خاصة بإسرائيل تبعا لظروف اُعتبرت متشابهة بين الطرفين.
أطلقت الدولة مبادرة أسمتها “مدارس التفكير تُعلم الأمة” ارتكزت على مبادئ رئيسة أهمها الغاء التفتيش وتشجيع التميز والاستقلالية وإشراف يعمل على التطوير ومنحت المعلمين أجورا مميزة بالمقابل عربيا كانت دولة قطر تنافس على نحو مشابه للوصول الى مرتبة مشرفة في رأس القائمة.
مشكلة التعليم بكل مراحله ومؤسساته لدينا أنه يخضع للاستبداد المؤسسي والسياسي ويخضع كغيره لكثير من الفساد وبالتالي تبدو أي دعوة للإصلاح فاقدة لمضمونها ما دامت لا تقوم على إصلاح التعليم ويبدو ذلك كمن يقوم على إصلاح بيته وهو يعلم أن اساساته على وشك الإنهيار.
بناءً على نتائج مؤشر دافوس يعترف البعض بالفشل دون مواربة لكن أخرين لا يجدون ما يتعللون به غير مهاجمة التقرير والقائمين عليه.
ليس المهم أن ننشغل بالمراتب والأرقام وإن كانت ذات دلالة مهمة بل الأولى أن يسعى القائمون على التعليم في بلادنا إلى الإصلاح من خلال العمل الجاد والمخلص فالتعليم الجيد لدى أمة يعكس حالها تماما.