كمال زكارنة
الحرب التي تستهدف قطاع غزة اليوم ،تختلف تماما عن الحروب الاخرى التي سبقتها،من حيث القوة التدميرية المستخدمة في هذه الحرب،والحشود العسكرية الضخمة ،من قبل الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل،ومن حيث الاهداف ،والطريقة والاسلوب والخطط التي تسير بها الحرب والعمليات العسكرية .
على مدى الاربعين يوما التي مضت على هذا العدوان الغاشم،الذي لم يتوقف خلاله القصف البري والبحري والجوي ثانية واحدة،نجد الجسر الجوي العسكري الامريكي الواصل الى دولة الكيان الغاصب لفلسطين،ينقل احدث واضخم انواع الاسلحة الامريكية المختلفة،ذات القوة التدميرية الهائلة،لتزويد جيش الاحتلال باحدث ما انتجته الصناعات العسكرية الامريكية ،وضرب قطاع غزة بها دون رحمة.
الاهداف الحقيقية لهذه الحرب لم تعد خافية على احد،فهي تسعى الى تهجير وترحيل ابناء قطاع غزة بالكامل ،وعدم الابقاء على مواطن فلسطيني واحد في القطاع ،مهما طال امد الحرب ومهما بلغت الكلفة،من خسائر بشرية ومادية،ولتحقيق هذه الهدف،تقوم اسرائيل بتدمير جميع مرافق الحياة واسباب الحياة ومصادر الحياة في قطاع غزة،حتى تصبح ارض القطاع غير قابلة للحياة نهائيا،فقد دمرت المنازل والبيوت والمنشآت والمؤسسات والمدارس والجامعات، والمساجد والكنائس والمستشفيات والمخابز والمطاحن، والطرقات والبنى التحتية والمراكز الصحية ودور الرعاية والجمعيات وغيرها،وهي تعمل على محو كل شيء فوق الارض،لتعطيل ونسف جميع اسباب الحياة في قطاع غزة، وتحويل كامل مساحنه الى ارض محروقة قاحلة غير صالحة وغير قابلة وغير ممكنة للحياة.
ويقوم جيش الاحتلال حاليا بجرف وتفجير من رحم ربي من المباني التي لم تسوى بالارض بفعل القصف ،كما تفعل الآن في شمال القطاع،الذي اصبح ارضا مسطحة لا يوجد فيها الا الركام والانقاض،وقد طلب الاحتلال من سكان خانيونس مغادرة المنطقة تمهيدا لتسويتها بالارض،وبعد ذلك سينتقلون الى منطقة اخرى والقيام بنفس العمل، وهكذا حتى يتم اقتلاع قطاع غزة من الارض هو والسكان، وكل ما هو فوق الارض،ويصبح ارضا ميتة خالية بلا سكان وبلا حياة.
الموقف العربي من هذه الحرب الدموية الاقتلاعية التهجيرية للشعب الفلسطيني،يعتبر الاكثر ضعفا ورخاوة منذ انشاء الكيان الغاصب على ارض فلسطين المحتلة،والموقف الدولي ليس افضل حالا،حيث استطاعت الولايات المتحدة اسكات واخماد اصوات جميع دول العالم الغربي والشرقي والدول الاخرى،وضمت اوروبا الى حلفها العسكري مع اسرائيل،ضد قطاع غزة الذي لا يعادل حيا واحدا في مدينة امريكية او اوروبية من حيث المساحة وعدد السكان.
مواقف الدول الاسلامية غائبة تماما عن المشهد والامر لا يعنيها،ولذلك نجد امريكا واسرائيل، تستفردان بقطاع غزة وتنفذان مخطط الاقتلاع والتهجير .
امريكا واسرائيل لا تعنيهما اعداد الضحايا التي تسقط جراء عدوانهما على قطاع غزة،ولا اعمار الضحايا او جنسهم،ولا حجم الدمار ، بل كل ما يعنيهما تحقيق هدف العدوان وهو ازالة قطاع غزة من الوجود .
السؤال المطروح هنا ،لماذا تأتي الاساطيل الامريكية والاوروبية البحرية والبرية والجوية، لنجدة الاحتلال، وتقطع آلاف الكيلومترات من اجل ذلك، بينما لا ينجد عربي او مسلم قطاع غزة، وهو في مرمى مسدساتهم وبنادقهم ومدافعهم وصواريخهم ودباباتهم وطائراتهم؟!.