كمال زكارنة
نظريا تتوزع مسؤولية وقوع حوادث السير بين الانسان والطريق والمركبة، لكن عمليا مسؤولية الانسان “السائق” عن حادث السير تصل الى بنسبة 99%، والواحد بالمئة المتبقي تتقاسمه الطريق مع صلاحية المركبة، لان الانسان هو الذي يتحكم باختيار الطريق الذي يسلكه ،وهو الذي يعلم اذا كانت مركبته صالحة للاستخدام ام لا، فهو صاحب القرار اولا واخيرا بالمسير وبكيفية المسير واختيار الطريق والمركبة.
رغم كل الجهود، القانونية والتشريعية والإدارية والتوعوية والتثقيفية والاجرائية، التي بذلتها وتبذلها الإدارات المعنية في جهاز الامن العام، والانتشار الدائم لرجال السير والامن العام في جميع مناطق المملكة، وبشكل مكثف في احياء ومناطق العاصمة، الا اننا نتفاجأ بين فترة واخرى بحادث سير مفجع ومروع، يودي بحياة اعزاء لا ذنب لهم ولا خطأ، ذهبوا ضحايا الاستهتار والزعرنة واللامبالاة، والطيشان والتهور وعدم المسؤولية الناجمة عن ازمة الاخلاق الحقيقية في القيادة “السواقة”، التي تعاني منها قلة قليلة من ابناء المجتمع، والتي تنعكس نتائجها على حياة الابرياء الاخرين الذين يخسرون حياتهم ويخسرهم ابناءهم وذوهم، دون سابق انذار.
كم من الأرواح ازهقت بسبب هذا السلوك الطائش، وازمة الاخلاق في القيادة، وكم من الحوادث التي سببتها الانحرافات الاخلاقية والسلوكية، ونتج عنها العديد من الوفيات والاصابات والخسائر المادية والمعنوية والنفسية.
تكرار الحوادث المرورية، وما ينتج عنها ،وخاصة تلك التي تحدث عن قصد والمفتعلة ،او كان من الممكن تفاديها، قضية يجب التوقف عندها، واعادة النظر بالقوانين والعقوبات المترتبة عليها، ولا يجوز ان يتم التعامل معها والنظر اليها مثلها مثل الحوادث الاخرى التي تعتبر قضاء وقدر، وتنتهي بمخالفة سير او فنجان قهوة صلحة، بل يجب الفصل بينها وبين حوادث المرور الاخرى فصلا تاما ،واخراجها من مسؤولية ادارة السير والتحقيق المروري واحالتها الى الادعاء العام ومحاكم الصلح، واعتبارها جرائم قتل او شروع بالقتل، واتخاذ الاحكام الجزائية بحق مرتكبيها، وكوادر ادارة السير قادرة على التمييز بين حوادث المرور والفصل بينها وتصنيفها بحسب خطورتها .
اليوم ومع انتشار كاميرات التصوير في معظم الشوارع والاماكن، اصبح من السهولة تقييم الحوادث المرورية والحكم عليها ،ومعرفة من المتسبب بها ودرجة الاستهتار واللامبالاة.
المراجعة الدورية للانظمة والقوانين والتشريعات والتعليمات والعقوبات الخاصة بالقضايا الخطيرة، مثل تلك الناجمة عن حوادث السير التي تتكرر يوميا، مسألة مهمة وتصب في مصلحة الوطن والمواطن، وترفع من نسب الامان على الطرقات، وتغليظ العقوبة في حالات محددة لحوادث المرور اصبحت ضرورة ملحة.