رمزي الغزوي
دورات في مهارات الاتصال لمجلس النواب
ليس من العدالة أن نتوقف طويلاً عند اللغط الذي سببه تلعثم بعض النواب في قراءتهم للقسم في جلستهم الافتتاحية. فهذه أخطاء قد تحدث في كل مكان وزمان. بل من الإنصاف ونحن في بداية مشوارهم النيابي، أن نمنحهم ثقتنا وفرصة لإثبات وجودهم سيما أن ميدانهم سيكون مكشوفا لحدقات الكاميرات، وسيتعرضون كثيرا لحرج مثل هذه المواقف.
العمل النيابي ليس نزهة أبدا، ولا هو عد أيام لمن أراد أن يبرَّ بقسمه، ولا يحنث به. والنجاح في هذا العمل يشبه جبل الجليد الطافي في البحر حين يخفي تحته المتابعة والمثابرة والجد والبحث والتدريب. وسيبقى أن الخطاب المحكم المدعّم بالحقائق والبعيد عن كلام الاستهلاك اليومي يحتاج إلى سعة اطلاع وبحث وتحضير وتدريب.
لم يعد مسموحا للواحد في أية مهنة أو منصب أن يقول حسبي أني وصلت. بل عليه أن يعي أن الإتقان سيد المواقف دوما. وأن عليه ملء موقعه بأفضل وجه. وهنا يتفجر سؤال محرج: هل يتعب نوابنا حقا في إعداد وتجهيز خطاباتهم والتدرب على إلقائها مسبقا؟ أم أن الارتجال هو استراتيجية لا يحيدون عنها ويتوارثونها مجلسا مجلسا؟.
كنا نتألم في متابعة نقاشات قانون الموازنة العامة لما يجنح بعض النواب في خطاباته نحو المنبرية، التي ولى زمنها، وإلى الصوت العالي، الأقرب إلى الزعيق، أو إلى التسطيح البعيد عن صميم وحيثيات القانون ومفاصله. ربما لأن النواب في العادة يقعون تحت هاجس مخاطبة قواعدهم الانتخابية؛ ليقولوا لهم: نحن هنا.
أقترح على رئاسة مجلس النواب أن توفر دورات تدريبية في مهارات الاتصال بشكل عمومي، والخطابة واللغة لأعضاء مجلس النواب بشكل خاص، بالتعاون مع مؤسسات وشركات وخبراء في هذا المجال. ولا بأس أن توظف مدققي لغة يساندون النواب في مهمة إتقان خطابهم بعربية سليمة، مختصرة، هادفة تراعي الزمن وتحترمه. فالكلام هو وسيلة النائب في بثّ أفكاره وآرائه ومعتقداته، وعليه أن يتقن بشكل جيد حرفة سيمتهنها أربع سنوات خصبة.
رؤساء دول وقادة ومدراء شركات يستعينون بأهل الخبرة لتكون خطاباتهم منضبطة مؤثرة ذات معنى، وليكون اتصالهم فعالا ذا أثر. ولهذا فلا ضير ابداً أن يكون هذا الأمر ضمن اهتمامات رئاسة مجلس النواب في بداية مشواره.