د. زياد الشخانبة
تغذى الغرب على أفكار جمّة في شروره علينا، إحداها “رؤية هنتغتون الصداميّة” التي تبناها المحافظون في امريكا وسرعان ما انتشرت لتصبح توجّها استراتيجيا امريكيا ثم أوروبيا في تعاملهم مع شعوب الشرق خصوصاً الأوسط .
فالحرب على غزة أثارت تساؤلات حول مدى إنسانية المجتمعات الغربية التي يحتفل أفرادها اليوم بالميلاد ويدعون للسلام والمحبة، كيف أنهم مُكبّلون فكرياً ومعبأون نمطياً ولا يرفعون رأساً أمام هيمنة اليهود ؟!
وهذه الرؤية الخبيثة التي تعتاش على الصِدام بين الغرب والشرق وتم تفعيلها بالسياسة والإعلام، هي ضمن سلسلة من أساليب الهيمنة على المجتمع الغربي المغيّب، حيث تنص حرفيّاً على :
“تغذية النزاع والصراع على أُسس ثقافية حادة بين الشرق والغرب، تقدّم الإسلام والثقافة العربية والإسلامية في صبغة العنف المستلهم من الأصول الدينية”.
ولتحقيق هذا، سعوا بالغرب إلى تشتيت المنطقة أمنياً وسيطروا على كل منفذٍ سياسي أو اقتصادي واستخداموا الثقافة الدخيلة وهذه مفعولها خطير، وصنعوا الجماعات المتطرفة باسم الإسلام لتعمل بأمرهم، وزرعوا الكراهية والخوف والنفور منّا وشوّهوا صورة العربي والمسلم وصولاً إلى مرحلة غسيل العقول الغربية التي وضعوها في صناديق مغلقة.
وبعد ما سبق، تأتي غزة اليوم لتحرّك هذه العقول وتزحزح رؤية هنتغتون من مكانها، فأصبح المجتمع الغربي يفكر بعقل ومنطق ويكتشف أنه مسكونٌ في خدعة كراهية الشرق بلا سبب، بل اكتشف أنه يعمل لخدمة الكيان المحتل دون أن يعي.
وما أقرب إلى هذا الوعي، من تلك المظاهرات والتصريحات غير المسبوقة بالغرب والتي تندّد بالكيان المحتل وتنفر منه، آخرها رفض اسبانيا وفرنسا وإيطاليا المشاركة في التحالف البحري بالبحر الأحمر ،حيث قالوا : لا نشارك بهكذا تحالف موجّه والهدف منه حماية إسرائيل على الخصوص .