سميح المعايطة
بعيدا عن تحليلات التغير المناخي وغيره فإن هذا العام المطري يحمل خيرا لنا في الأردن بفضل الله تعالى ورحمته، وسواء كانت الأمطار تأتي من حالات عدم استقرار جوي او منخفضات جوية فإنها بالنسبة لنا مياه نحتاجها جدا في الزراعة والشرب وكل مجالات الحياة.
وكما تقول وزارة المياه بمؤسساتها فإن الموسم المطري الماضي عندما انتهى كانت محصلة ما دخل السدود في الأردن خلال نفس الفترة بلغ حوالي 72 مليون متر مكعب من المياه، لكننا في هذا العام وحتى نهاية الأسبوع الماضي اكرمنا الله تعالى باكثر من 115 مليون متر مكعب من المياه وما يزال الموسم المطري مستمرا إلى أشهر وأسابيع قادمة ستحمل لنا إن شاء الله مزيدا من الخير.
وخلال العامين الماضيين عانت مناطق الجنوب من جفاف مائي كبير ولم تدخل سدودها اي كمية مياه للشرب أو الزراعة، لكن هذا العام حمل التعويض من الله تعالى، فسد الموجب مثلا فيه حتى الآن اكثر من 90 % من سعته التخزينية، وكذلك السدود الاخرى في محافظات الجنوب إضافة إلى الحفائر الترابية وما وصل إلى الأرض المزروعة في تلك المناطق.
وحتى محافظات الشمال التي كان القلق حاضرا على موسمها المائي والزراعي، فإن المنخفض الأخير كان فيه الخير والتعويض من ثلوج وأمطار، وما يزال أمامنا أشهر من الموسم المطري سيكرمنا الله تعالى فيها بالخير.
موسم طيب وسنة خير ندعو الله ان تستمر إلى نهاية الموسم، لكن فرحنا بهذا الموسم عليه ألا ينسينا أن ما أتى وما سيأتي من أمطار يساعدنا كثيرا، لكنه لا يلغي أننا أمام مشكلة مياه تعاظمت بفعل الهجرات التي صنعتها ازمات المنطقة والاقليم والتي احدثت قفزات خارج كل الحسابات لعدد السكان، إضافة إلى النمو السكاني الذي لا يقتصر على الأردنيين بل هو كبير بين ضيوف الأردن الساكنين بيننا بفعل التهجير والهجرات من كل الأنواع.
مشروع الديسي كان من المشاريع الحيوية المهمة والاستراتيجية التي أنجزها الأردن خلال العقدين الأخيرين، وما يزال المشروع يقدم للأردن كميات من المياه في كل المجالات، وهناك جهود كبيرة تبذل لتقليل الفاقد من المياه وهو كبير عبر تحسين الشبكات، وهناك سرقة الماء التي تتم منذ عقود وأتحدث عن تجارة المياه عبر حفر آبار وبيع المياه أو استنزاف المياه الجوفية لآبار تروي مزارع أشخاص.
خلال العام الماضي كان هناك نشاط ايجابي لوزارة المياه في متابعة كل عمليات سرقة المياه او مايسمى الاعتداءات وخاصة تلك التي تأخذ كميات كبيرة جدا لخدمة أشخاص، وما نزال بحاجة إلى جهد كبير لتحسين الشبكات ووقف الهدر والسرقة.
ولعل الدولة خلال السنوات الاخيرة قد اتخذت خطوات مهمة للحفاظ على اي كمية مياه من الأمطار عبر التوسع في بناء السدود والحفائر الترابية التي تستطيع أن توفر المياه لخدمة الزراعة ومربي المواشي بدلا من ان تذهب مياه الأمطار في بعض المناطق في الأودية دون فائدة.
كل خطوة إيجابية تمت تحتاج إلى استكمال سواء في التوسع في السدود الصغيرة او الحفائر او آبار تجميع المياه فكل كمية مياه نحن نحتاجها، اضافة إلى تقليل الفاقد المائي، لكن المشروع المهم الذي نتمنى أن تختصر الدولة اي زمن لإنجازه هو الناقل الوطني الذي يقوم على تحلية مياه البحر الأحمر، وهو مشروع استراتيجي لايقل في اهميته عن مشروع الديسي ويحظى المشروع باهتمام كبير من جلالة الملك، كما ان الحكومة انجزت خطوات مهمة في تحويله من فكرة الى واقع ان شاء الله، ودائما علينا ان نفكر بالجديد من الحلول خاصة أن ازمات المنطقة التي ندفع جزءا من ثمنها غير قابلة للحل بل نبقى دائما نخاف من ازمات جديدة في الإقليم تجلب لنا قفزات جديدة في عدد السكان.
المياه معركة كبيرة ربما علينا نحن المواطنين ان نشارك فيها بشكل اكبر عبر ثقافة مختلفة وتعامل خال من الترف الذي نراه احيانا من بعضنا.
الحمدلله على خير وأمطار هذا العام الذي ندعو الله ان يكرمنا بمزيد من الأمطار فيه، وواجب الدولة ان توسع من مشاريع الاستفادة من كل كمية امطار وواجبنا ان نستعمل مانحتاجه.