د عماد الدين زغول
في عالم مليء بالصراعات والتحديات، تظهر معادلات ربانية تسطع بأنوار الحكمة والعدل الإلهي، تلك التي تعيد تعريف الظلم والنصر في أذهان البشر. ومن بين هذه المعادلات، تلك التي نراها واضحة في القضية الفلسطينية، حيث يبتلي الله المظلوم بالظالم، ويبتلي الظالم بسهام إلهية مسلطة عليه.
المعادلة المقلوبة: ابتلاء المظلوم بالظالم
إنها معادلة غريبة لمن ينظر بعين المادة، لكنها في جوهرها تحمل حكمة ربانية. فقد ابتلى الله شعب فلسطين – هذا الشعب الأعزل الذي يعاني منذ عقود – بظلم الكيان الصهيوني، في اختبار لصبرهم وثباتهم، وجعلهم أيقونة للصمود رغم كل أشكال القهر. هذه المعاناة ليست ضعفًا، بل هي جزء من سنة كونية يتجلى فيها عدل الله وامتحانه للمظلومين.
المعادلة المكافئة: ابتلاء الظالم بسهام الله
على الجانب الآخر، نرى أن الله لم يترك الظالم طليقًا بلا عقاب. فقد سلط عليهم سهامًا بشرية وصفهم الله بأنهم “عبادًا لنا أولي بأس شديد”. هؤلاء المجاهدون، الذين لا يرون في الحياة إلا ساحة لردع الظلم وإعلاء كلمة الحق، هم السهام الإلهية التي تُرعب قلوب الظالمين. هم جنود الله الذين يقفون في وجه أعتى الجيوش وأحدث الأسلحة، يحملون إيمانًا بأن النصر ليس بكثرة العدد ولا بقوة السلاح، بل بإرادة الله التي لا تُهزم.
قراءة المشهد ببوصلة الاستخلاف
حين نقرأ المشهد الفلسطيني اليوم، لا بد أن نستخدم بوصلة الاستخلاف، تلك التي تجعلنا ندرك أن الله لم يخلق هذه الأمة لتعيش ذليلة تحت وطأة الظالمين. لقد وعد الله بأن يستخلف المؤمنين الذين يحملون رسالته ويجاهدون في سبيلها. في كل مشهد نرى فيه مقاومًا يتحدى آلة القتل الصهيونية، نشهد بشائر النصر التي تتجلى يومًا بعد يوم، رغم خيبات السياسيين الذين رضخوا لوهم القوة المزعومة، وتخلوا عن قضايا أمتهم في مقابل مصالح ضيقة أو مصالح شخصية.
الإيمان بقوة القلة المؤمنة
من قال إن الأمة تُهزم بقلتها؟ ومن قال إن القوة المادية هي المعيار الوحيد للنصر؟ التاريخ، بل والقرآن الكريم، يعلّمنا أن “كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله”. الإيمان وحده قادر على تحويل الضعف إلى قوة، والقلّة إلى غلبة. لكن للأسف، هناك أقلام مهزومة، وأصواتٌ تُشكك في قدرة الأمة على النهوض، وتروّج لوهم القوة التي يملكها الظالمون.
بشائر النصر وشرف المقاومة
لن تهزم هذه الأمة ما دامت تستمد قوتها من الإيمان بالله ومن الحق الذي تحمله. هذه القضية ليست مجرد صراع سياسي، بل هي معركة بين الحق والباطل، بين العدل والظلم. وأي جيل يشهد اليوم صمود المقاومين في فلسطين، يرى أمامه أملًا في النصر وشرفًا في المقاومة، رغم كل خيبات الماضي.
ختامًا، إن سهام الله عزّية، وهي العباد الذين سلّطهم على الظالمين، تذكير بأن الله لا يترك الظلم بلا عقاب، ولا يترك المظلوم بلا نصير. وبين المعادلتين – المقلوبة والمكافئة – نرى حكمة الله في استخلاف من يرد ظلم الظالمين، ويكتب تاريخًا جديدًا لأمة أبت أن تركع إلا لله.
الايمان بالله وبالحق وبالوطن هو السلاح الاقوى
وهنا السؤال المؤرق بمَ ابتلا الله المتفرجين على المشهد؟
سؤال برسم الاجابة