
سهم محمد العبادي
نحن لا نُسأل عن الولاء، ولا نحتاج إلى شهادة في العهد… نحن الذين ولدنا وأعيننا مفتوحة على صورة الحسين في صدر البيت، وكبرنا على حكايات الجدات عن رايات عبد الله الأول وهو يدخل عمان. نحن الذين تعلمنا أن الوطن ليس حفنة تراب، بل تاريخ مكتوب بدم الأجداد، ووصية محفوظة في صدور الرجال.
سيدي…
نحن أبناء العسكر الذين تربوا على صوت البارود، والذين كبروا على وقع خطوات آبائهم وهم يخرجون للفجرية ببزاتهم العسكرية، لا يسألون عن الخطر، ولا يفكرون بالعودة إلا وراياتهم مرفوعة. نحن أبناء الحراثين الذين علمتهم الأرض أن الكرامة مثل السنابل، لا تنحني إلا لله، وأن حب الوطن يُزرع في القلوب قبل أن يُزرع في الحقول.
نحن الذين أعراسنا تزينها رايتنا وصورتك وأغاني الوطن، نهتف في فرحنا كما نهتف في ساحات المعارك، ونرفع العلم كما نرفع أكفنا بالدعاء. نحن الذين نلبس الفوتيك فخرا، ونلتفّ بالشماغ على أكتافنا كأنه وسام عز، نعلقه بين القلب والروح.
في البلقاء، لا تزال شوارع الكرامة تحفظ صدى الجنازير التي حملت للأمة كرامتها، وما زالت قهوة المجالس تفوح بعهد الرجال. في إربد، يتوارث الأبناء شجرة الزيتون كما يتوارثون حب الهاشميين، يروونها بالعرق، ويقسمون أنها لن تثمر إلا في أرض حرة. في معان، لا تزال قباب السكة الحديدية تحكي قصة الملك المؤسس، حيث حملته القلوب قبل الخيول، وحرسه الفقراء قبل الجند. أما الكرك، فإن دم شهدائها على أسوار القلعة يشهد أننا لا نبدل العهد، ولا نترك الدار، ولا نرخص الكرامة ولو حاصرونا بالنار والذهب.
اليوم سيجلس ترامب على طاولته، ينفث دخان عجرفته في الهواء، يظن أن المليارات تصنع الرجال، وأن الصفقات تشتري الكرامة، لكنه لا يعرف الأردنيين… نحن “نأكل التراب ولا نركع لترامب”، نعيش على القليل لكننا لا نبيع الكثير، نخزن الكرامة كما نخزن القمح في البيادر، ونحفظ العهد الأبدي الذي لا يتبدل.
سيدي…
دونك الروح والعيال والمال، ودون هذا الوطن أعناقنا قبل أرزاقنا، وكرامتنا قبل خبزنا، وعهدنا قبل دمائنا.
سيدي، نحن لا نبايع بالتصفيق… نحن نبايع بالدم، ونحن فداء للأردن العظيم ولك قائدنا العظيم ولك العهد إلى يوم الدين ومردود عليهم النقا.