تترسخ المكانة الأردنية يوما بعد يوم لدى الاتحاد الأوروبي، الذي يرى أن هذه الدولة التي تعيش وسط معترك كبير من الأزمات والصراعات والتحديات استطاعت أن تشكل طفرة استقرار اقتصادي وسياسي وأمني، رغم أن تركيبتها الاجتماعية متغيرة ومتأثرة بما يدور حولها، باعتبارها حاضنة حقيقية لمن تقطعت بهم السبل، والملجأ الأكثر أمنا للجميع. دعم الاتحاد الأوروبي يؤشر على العلاقات المميزة مع الأردن، حيث يؤمن هؤلاء بأن هذه الدولة قادرة على إحداث التغيير، لذا تجده لا يترك محفلا دوليا إلا ويؤكد على استمرارية دعمه للمملكة تخفيفا للأعباء الاقتصادية التي أفرزتها موجات اللجوء خلال العقد الأخير، خصوصا في مجالات الصحة والتعليم والعمل. اقتصاديات دول الاتحاد الأوروبي تأثرت جراء جائحة كورونا، ورغم ذلك ما تزال تصر على استمرارية الدعم للمملكة، وأن تراجعه غير وارد، وهو ما أكدته للزميلة سماح بيبرس، سفيرة الاتحاد الأوروبي في الأردن ماريا هادجيثيودوسيو، مشيرة إلى الشراكة الطويلة بين الأردن والاتحاد الأوروبي (مساعدات الاتحاد الأوروبي المالية للأردن حوالي 3.2 مليار منذ 2011). الاتحاد الأوروبي لا ينظر لعمان من زاوية اقتصادية بحتة، فالشراكة بين الطرفين تتعدى ذلك إلى التعاون السياسي والأمني، وهم على ثقة تامة بأن استقراره مصلحة عليا لكل العالم، لذا تجد أن للصوت الأردني آذانا صاغية بتمعن، وهو الأمر الذي تستغله المملكة بالتأثير على صناع القرار في هذه الدول، خصوصا فيما يتعلق بأزمتي اللاجئين ونية الاحتلال ضم أراض من الضفة الغربية، إذ إن الموقف الأوروبي واضح بهذا الشأن. اليوم يعتزم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إعلان شيء عن مشروعه التوسعي على حساب السلام والاستقرار بالمنطقة، وقد وضع في حجره الموقف الأميركي وقذف خارجه مواقف دول الاتحاد الأوروبي غير آبه بها، أو مكترث لأي ردود فعل قد تحدث، وهذا سلوك غير مستبعد من صهيوني متطرف يبيع كل شيء من أجل متطرف آخر هو دونالد ترامب، الذي منحه ضوءا أخضر ليفعل ما يشاء وكيفما يشاء. العلاقة الأردنية مع الاتحاد الأوروبي لا بد لها وأن تصنع فرقا تجاه سياسات الاحتلال المتطرفة، فالرفض الأوروبي لخطة الضم جاء قاطعا أيضا، أعلنه الاتحاد في أكثر من مناسبة. في منطقة معقدة الملفات، كمنطقة الشرق الأوسط، يصعب أن تجد بلدا له الوزن الذي يحظى به الأردن عالميا، ففي الوقت الذي تخوض المملكة معركة دبلوماسية لم تتوقف منذ ما قبل إعلان صفقة القرن، نجد دولا عربية غارقة في أزماتها ومشاكلها الداخلية، وتحول الأولويات بالنسبة لها، وتكاد لا تقدم شيئا لقضية العرب المركزية، والتي يصر الأردن دائما على أن حلها هو مفتاح السلام والاستقرار والرخاء لشعوب المنطقة كلها. اليوم وحسب روزنامة الاحتلال، قد يلجأ نتنياهو إلى إعلان خطة إعادة احتلال أراض فلسطينية، بكل ما تحمله مثل هذه الخطوة من حمق سياسي وأمني قد يضع المنطقة على حافة صراع طويل الأمد لن تتمكن أي دولة، حتى تلك التي تعتقد أنها بعيدة عن هذا الصراع، من النجاة منه. اليوم قد تشعل إسرائيل شرارة لن ينجو منها أحد.