اسعد العزوني
لم تأت خطة الرئيس الأمريكي المتهالك دونالد ترمب المسروقة من جامعة كولومبيا، بجديد فهي تخرصات قديمة –جديدة ،بدأنا نسمعها بعد هزيمة حرب حزيران 1967،وتنوعت صورها فمرة سمعنا بالخيار الأردني ،وتارة سمعنا بالكونفدرالية وأخرى بالمملكة العربية المتحدة ،وكذلك التبادلية والحكم الذاتي ،وهكذا دواليك،إلى أن جاءت مرحلة الحسم وأعلن ترمب خطة جامعة كولومبيا المجتزأة التي إعتمد فيها على الحل الإقتصادي المشوه ،وتخيل لترمب ومن هم في جوقته من البترودلار العربي أن كلفة المؤامرة تبلغ 50 مليار دولار،وإختاروا قرية فلسطينية في القدس مساحتها 4 كيلومترات هي أبو ديس لتكون عاصمة الكانتون الفلسطيني قبل الكونفدرالية مع الأردن.
جاءت هذه الخطة لهدف أساس وهو إلقاء طوق النجاة لأصحابها وهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ولكيس النجاسة حسب التتعبير الحريديمي التوراتي النتن ياهو وللرئيس الغفلة ترمب ،فكلاهم يعان من إهتزاز السقوط ،ولم يجدوا أرخص من القضية الفلسطينية والقدس كي يتاجروا بها ،نظير الدعم الصهيوني لهم ،وهناك عوامل أخرى وهي أن مفكرين صهاينة كشفوا ان الملك سلمان وإبنه تعاونا بشكل وثيق مع مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية الإرهابية التلمودية بشأن القدس ،وباركا السيطرة عليها ليتخلصا منها لأنها تنافس مكة.
الخطة التي نتحدث عنها عبارة عن تطبيق عملي لنظام الأبارتهايد الذي يقضي بفصل العرب الفلسطينيين عن المستدمرين الصهاينة،الذين يريدون من الأساس وحسب المشروع الصهيوني السيطرة على الأرض بدون سكان ،ولذلك يريدون ربط التجمعات السكانية الفلسطينية ببعضها في كافة أنحاء فلسطين بخيوط فرجارية ضمن مسمى الحكم الذاتي الفلسطيني على طريق الكونفدرالية مع الأردن،ليتم العمل لاحقا على إعلان مملكة إسرائيل الكبرى اليهودية وعاصمتها القدس ،تقابلها في الإقليم مملكة آل سعود ورمزها مكة ،وتنتهي المشكلة حسب ما يتخيلون،والخطة هي نسف للقضية فلا عودة ولا تعويض عن المعاناة وإستغلال الأرض،وهناك علامات إستفهام حول عدم حضور ممثلي السعودية والسيسي ضمن جوقة الحضور،ناهيك عن الإستفزاز الذي مثله حضور ممثلين عن كل من سلطنة عمان والبحرين والإمارات.
هذه الخطة مرفوضة ليس فلسطينيا وشعبيا عربيا ، ورأي عام عالميا حرا فحسب،بل هي مرفوضة إسرائيليا أيضا ،إذ يقول منافس النتن ياهو زعيم تحالف أزرق-أبيض غانتس أن هذه الخطة جاءت لإنقاذ النتن ياهو من السجن وضمان عودته لرئاسة الحكومة مرة أخرى ولا تفضي إلى سلام حقيقي،كما إنه يريد معاهدة سلام مع الفلسطينيين بالتراضي وليس بالفرض لضمان الإستمرار،كما إنتقدها الإعلام الإسرائيلي وفي مقدمته هآرتز ووصفت الخطة بالإحتلال والأبارتهايد،ولم تحظ هذه الخطة بالتأييد الغربي أيضا.
كما أن الأمريكيين يرفضون هذه الخطة ويقولون إنها لا تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية،وقد بعث 12 سيناتورا أمريكيا ديمقراطيا من مؤيدي مرشحة الرئاسة المقبلة إليزابيث وارن، رسالة إلى الرئيس ترمب يستنكرون فيها تلك الخطة ،التي يرون فيها طوق نجاة له من العزل،كما إن كبريات الصحف الأمريكية مثل الواشنطن بوست وغيرها ، سخرت في إفتتاحياتها من الخطة ووصفتها بالعبثية ،وقلل ديفيد هيرست من شأنها بقوله إنها لا تؤدي لحل للصراع ولا تعيد اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم ولا تقيم دولة فلسطينية مستقلة ،كما إنها تشكل خطرا على الأردن ،بسيطرة الجيش الإسرائيلي على الأغوار الأردنية.
ويتحدث كثيرون أن الثمن البخس المقر لبيع القضية ومقداره 50 مليار دولار، سيذهب لجيوب الرئيس ترمب وعرابها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق طوني بلير ومن لف لفيفهما ،لأنها لن تطبق على أرض الواقع ،كونها مرهونة بغياب أي من أصحابها الثلاثة.