سارة السهيل
أصبحت صناعات اعادة التدوير للمخلفات بكل أنواعها فرض عين على كل شعوب ودول العالم خاصة عالمنا العربي الذي يعاني من ازمات اقتصادية، وتحقيقا لاهداف رئيسية منها حماية البيئة من التلوث، وعلاج مشكلات نضوب الموراد الطبيعية والمتوقع زيادتها ارتباطا بأزمة التغير المناخي، وعلاج الأزمات الاقتصادية الخانقة التي تعانيها الشعوب.
ينتج العالم العربي 250 ألف طن من النفايات يومياً ، ويعاد تدوير ما نسبته 5% منها فقط، وتهدر سنوياً كسب 122 مليار دولار، بسبب عدم تدوير نفاياتها، بينما دولة مثل السويد وصلت إلى نسبة 0% من النفايات التي تذهب إلى المكبات، فكله يعاد تدويره واستغلاله حتى صارت السويد تستورد نفايات من الدول المجاورة. وهكذا تحولت النفايات بها الي مصادر مهم من مصادر الثروة القومية.
فصناعات إعادة التدوير يمكنها أن تغطي الكثير من احتياجاتنا اليومية مثل صناعات البلاستيك والورق والبطاريات والسماد العضوي لتغذية التربة الزراعية، وبناء المساكن وغيرها.
وتتوسع دول العالم في الصناعات التدويرية، حيث تستخدم Apple الكوبالت المعاد تدويره بنسبة 100% في البطاريات بحلول 2025، والابتكارات لا تتوقف في صناعات المعادن المعاد تدويرها بالبطاريات والمغناطيس ولوحات الدوائر البديلة، وتحقق عوائد مالية كبيرة نظرا لقلة تكلفة إنتاجها.
بحسب وكالة حماية البيئة الأميركية، فأن المصنعين بمجال إعادة التدوير، يجنون مكاسب هائلة، فإنتاج طن واحد من الورق من مخلفات ورقية، يوفر طاقة قدرها 4100 كيلو واط/ساعة و28 متر3 من المياه ، ونقص فى التلوث الهوائى بمقدار 24 كيلوجراماً من الملوثات الهوائية.
والمخلفات المعدنية كالألمنيوم فيمكن إعادة تدويرها بنسبة ٪100، والزجاج الذى يحتاج تصنيعه إلى درجات حرارة عالية، فإن إعادة تدويره تحتاج إلى طاقة أقل و انخفاض بالتكلفة، ويتحول إلى أرباح مالية كبيرة .
ووضعت سنغافورة خطة “صفر مخلفات” لتقليص حجم النفايات30% وصولاً إلى العام 2030 وتوسيع رقعة إعادة تدويرها. وصاحبت خطتها تنفيذ عدة مشاريع افتتاح أول منشأة بجنوب شرقي آسيا لإعادة تدوير بطاريات الليثيوم الخاصة بالهواتف المحمولة . كذلك استعادة ما يقرب من 90% من الحديد الموجود في بطاريات الليثيوم لإعادة استخدامه في إنتاج بطاريات جديدة.
وتوصل علماء في “جامعة نانيانج” للتقنية إلى تطوير طريقة جديدة في استخدام بقايا قشور الفاكهة لاستخراج المعادن الثمينة من بطاريات “الليثيوم أيون” وإنشاء بطاريات جديدة. واستطاعت سنغافورة إعادة تدوير ما يقرب من 60% من نفاياتها.
بتقديري، أنه حان الوقت لوقف تصدير نفاياتنا العربية الي الهند والصين، وأن نستفيد منها في العديد من الصناعات الضرورية.
أظن أننا بحاجة لوضع خطة استراتيجية للتوسع في نشر ثقافة إعادة تدوير المخلفات، تبدأ بنشر الوعي بطرق جمع القمامات أدواتها التي تفصل المخلفات الزجاجية عن المعدنية عن الورقية، والنفايات الصلبة والملابس ووضعها في سلات مختلفة عن الاخرة حتى يسهل إعادة تدويرها.
* جهود عربية تحتاج التوسع
هناك العديد من الجهود التي تقوم بها بعض الشركات العربية في مجال صناعة التدوير وهي مشكورة علي جهدها، ونأمل أن تزيد في عددعا بالعالم العربي، ومنها إحدى الشركات الأردنية تقوم بجمع الورق وإعادة تدويره، من المتجر أو المكتب أو المدرسة أو الفندق أو المطعم أو المنزل. يشكل الورق ما يصل إلى 15٪ من النفايات الصلبة في عمان ويمكن إعادة تدويره إلى ورق مجددا.
وهنا فأنني أثمن جهود الشاب العربي الذي قدم مبادرات رائعة بمجال الصناعات التدويرية مثل مشروع (اقتصاد) الذي أطلقه الفلسطيني عبد المحسن محمد في مخيم نهر البارد بلبنان، يعيد من خلاله تدوير الأوراق المنزلية وقصاصات أوراق الجرائد القديمة والعلب الكرتونية، وتحويلها إلى منتجات الأثاث المنزلي وألعاب الأطفال وزينة المنازل والمكاتب والتحف الفنية والأشكال الهندسية.
وكذلك مباردة الباحث الاردني صدقي صبيح لمشروع تصنيع مكبات خاصة للنفايات الإلكترونية والكهربائية في بلده ودعمه الإتحاد الأوروبي، ومن خلاله يتم توزيع حاويات بلاستيكية وصناديق خشبية على مختلف محافطات الأردن لتجميع النفايات الإلكترونية والكهربائية، وتجميعها لانتاج سلعة جديدة.
ونجحت إدارة نفايات لبنان في الاستفادة من مؤسسة جامعي القمامة “درايف ثرو” وفرمها وتحويلها للمصانع فيتحول البلاستيك لثياب، والباقي يذهب لمصانع اخرى لصناعة الكراسي أو الطاولات أو صحارات الخضار.
واقترح أن يقوم بصناعات إعادة تدوير نفايات النفط والفوسفات والبوتاس أو استخدام النفايات النفطية التي يتم رميها بعد تصفية النفط في كثير من الصناعات.
بتقديري أن إعادة تدوير المخلفات بصناعات جديدة من شأنها أن يقلل كثيرا من تكلفة واردتنا من الخارج ـ وتفتح الآفاق لعديد من فرص العمل للشباب، وزيادة الدخل القومي للأوطان وحماية البيئة من أخطار التلوث البيئي، فصناعة تدوير المخلفات صارت فرض عين على شعوبنا وحكوماتنا العربية.