أ. د. بـــــــلال أبوالهــدى
ۖ عَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شيئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شيئا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ
يحدث مع بعض الناس أحداثا في حياتهم وهم كارهون لها ويحسبون أن حدوثها شر لهم ويحبون أن تحدث معهم أحداثا أخرى يحسبون أن فيها الخير لهم ولكن العكس تماما. وأكبر دليل على ذلك مخاطبة الله تعالى للناس أجمعين الذين يؤمنون بالإسلام والقرآن في الآية (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ يَسْأَلُونَكَ (البقرة: 216)). ولا ننسى قصة خروج الرسول ﷺ ومعه الصحابة من اجل الحصول على قافلة قريش إلا أن الله أراد لهم عكس ذلك وهو الجهاد وقتال المشركين في غزوة بدر. وكما قيل: واذكروا أيها المجادلون وَعْدَ الله لكم بالظَّفْر بإحدى الطائفتين: العير وما تحمله مِن أرزاق، أو النفير، وهو قتال الأعداء والانتصار عليهم، وأنتم تحبون الظَّفْر بالعير دون القتال، ويريد الله أن يحق الإسلام، ويُعْليه بأمره إياكم بقتال الكفار، ويستأصل الكافرين بالهلاك في غزوة بدر في الآية (وَإِذۡ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحۡدَى ٱلطَّآئِفَتَيۡنِ أَنَّهَا لَكُمۡ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيۡرَ ذَاتِ ٱلشَّوۡكَةِ تَكُونُ لَكُمۡ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ ٱلۡحَقَّ بِكَلِمَٰتِهِۦ وَيَقۡطَعَ دَابِرَ ٱلۡكَٰفِرِينَ (الأنفال: 7)). وهذا ما حصل في معركة “طوفان الأقصى” في السابع من اكتوبر 2023 حيث كانت قوات المقاومة الإسلامية حماس ومن معها تنوي أسر بعض الضباط والجنود والحصول على أسرار ما تخططه دولة الكيان الصهيوني لحركة حماس ومن معها ولغزة وشاطئها وأهلها. وذلك من أجل تبادل الأسرى الموجودين بالآلاف في سجون دولة الاحتلال ومن أجل الضغط على دولة الكيان ومن معها في القبول بحل الدولتين، فقط لا غير. إلا أن الله شاء أن تمتد وتستمر الحرب بين جيش دولة الكيان ومن معهم من جيوش أمريكية ودول الناتو وغيرها مع قوات المقاومة واهل غزة حتى تاريخ كتابة ونشر هذه المقالة وللمستقبل إلى ما شاء الله كما قال تعالى (وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا، يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ ۚ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (الإنسان: 30 و 31)).
وقد كان وما زال في استمرار الحرب على قوات المقاومة في غزة واهلها كل الخير للقضية الفلسطينية والفلسطينيين ولدين الإسلام. ولأول مرة في تاريخ الصراع الفلسطيني اليهودي (الصهيوني) أن لحق بضباط وجنود دولة الكيان ومن معهم من قتلى بالآلاف وجرحى بالآلاف ومعاقين ومرضى نفسيين بالآلاف وأسرى بالمئات. وما لحق بهم جميعا من خسائر مادية بالمليارات وبتهجير مستوطني مستوطنات غلاف غزة إلى أماكن أخرى في فلسطين، وتدمير اقتصاد دولة الكيان وتعطيل أعمالها وانقسام الشعب اليهودي على نفسه. كما تحركت معظم شعوب العالم في عواصم دولها تطالب بالحرية لفلسطين وشعبها بعد أن فهموا القضية الفلسطينية على حقيقتها بسبب هذه الحرب والإبادة الجماعية المستمرة لشعب غزة. وتم رفع دعاوي بالإبادة الجماعية لأهل غزة العزل ضد قيادات دولة الكيان الصهيوني لدى محكمة العدل الدولية وقد أقرت بذلك محكمة العدل الدولية. كما وخسر اليهود جميعا قضيتهم التي نشروها منذ الحرب العالمية الثانية وهي الهلوكوست وأصبحت معظم شعوب العالم ضد دولة الكيان ومن معها وداعمة لقوات المقاومة الإسلامية واهل غزة ودخلت الشعوب الأوروبية في الإسلام بالآلاف وتم الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة وبحل الدولتين. فيا سبحان الله رب ضارة نافعة بأمر الله وبإذنه وبتخطيطه. لقد كره ربما الكثيرين من الناس وبالخصوص أهل غزة الحرب عليهم ولكن كان فيها الخير لهم وللعالم أجمع.