عاهد الدحدل العظامات
في يوم الجنازة
في جنازة المتوفى يوم شؤم ذويه وأقربائه, يُشارك الغريب قبل القريب في بناء بيت الأجر, تجهيز الكراسي وترتيبها , مدّ أسلاك الكهرباء وإيصال الإناره اليه, إخماد الأتربة من خلال رشها بالماء, التبرع بكل ما يلز لأيام العزاء من مواد تموينية تساهم في رفع الحمولة عن ذويه كمثل السكر والشاي والقهوة والبهار والتمر والماء. إبتغاء, وإحضار الطعام لبيت العزاء على مدار أيامه الثلاث إبتغاء الأجر والثواب .في جنازة المتوفى يُشارك الغريب قبل القريب في مؤاساة أهل الفقيد والحزن معهم وإن كان هذا الفقيد قد بلغ من العمرعتيّا لا لشيء ولكن إبتغاء الأجر والثواب. في يوم الجنازة إن لم ترى دمعة العين فتأكد أن القلب مدمي , موجوع , خائف. تشعر بهذا عندما ترى الناس ممن صلوا الجنازة على المتوفى وهم ملتفين حول المقبرة يُتابعون لحظات تأبينه الى مثواهُ الأخير في بيت يُخيف تتمنى لو أنك لن تزوره , تتمنى لو أن له مفاتيح تأخذها وترميها في مكاناً بعيد لكي لا تُفتح أبوابه أمامك ولكنك حتماً ستزوره. لأن مفاتيح أبوابه لا تعد ولا تحصى وهي بشرية تستمعل في يديها أيديها أدوات الحفر “الفاس” “والمجرفة” لفتح أبواب هذا البيت لا لشيء ولكن إبتغاء الأجر والثواب.
نعم عندما تنظر بتأمل لوجه كل واحداً فيهم تقرأو فيه الخوف الحقيقي, الحزن الواضح, العين التي تفيض دمعاً دون سيلانُها. ليس بالضرورة أن يكون هذا حُزناً على المتوفى بقدر ما هو خوفُاً من هذه اللحظة خصوصاً وأن الجميع يُدرك أن مجيئها أبدي ولا مفر منه, كلاهما يُفكر بما مضى من عمره وما هو آت وما قدم وما لم يقدم وما أساء وما أحسن وما ظَلم وما ظُلم وما صدق وما كذِب وما أعطى وما أخذ ومن أبكى ومتى بكى. كل ما مر فيه من ماضي يستذكرهُ في هذه اللحظة القاسية على الجميع ممن حضر وشاهد المنظر المُبكي لنهاية كل إنسان وحتى من لم يحضُر وسمع بخبر الوفاة.
في وطننا العربي كل يوم هناك جثتين الأولى جثة الطفل المرمية على حافة الطريق ليس لها بيت عزاء ولم يُصلى عليها ولم تواراى لمثواها, والثانية للمسؤل العربي المرمية على سرير المسؤلية بجانبه الأيمن الخدم والحشم وذوات المساج الحسناوات وفي الجانب الأيسر المسكرات عفواً أقصد المكسرات والتسالي وهاتف الشجب والاستنكار وبيده الريموت كنترول الذي يُغلب فيه القنوات فكُلما إستوقفه منظرُ جثة الطفل المرمية على حافة الطريق رفع سماعة الهاتف وأصدر شجبه وإستنكاره لا أدري ولكن لربما أجراً وثواب.
في وطننا العربي وفي زماننا هذا كل يوم هناك مصيبة وكل يوم هناك كارثة وكل يوم زلال يُزلزل مشاعرنا ولكن لا يحرك فينا ساكناً مع أن الزلزال عادة ما يُدمرلا يُحرك فقط. نبكي نُصرخ نكتب نثور على صفحات الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي بغية الإبداع والشهرة والحصول على التفاعلات والإعجابات والمشاركات.
في وطننا العربي وأنتم تُشاهدون جُثث الأطفال وتسمعون صيحات النساء وتغرق أوطانكم بدمعات الرجال عاودوا ماضيكم وما قدمتم, أنظروا ماذا كنا وكيف صرنا بسسب جُثثكم الهامدة على سرير المسؤلية.
أنا لا يُحزنني موت الأطفال برصاصة بقدر ما يُؤلمني حال العروبة الناقصة للرجال الذين يملكون الحرارة على أطفال اُمتهم.