د. محمد كامل القرعان
تلقي ملحمة الأسير الأردني الخمسيني اسامة البطاينة الذي قضى نحو 38 عاما في سجن صيد نايا المروع، الضوء على تجربة شخصية عميقة ومؤلمة تمثل الالاف الحالات .
صيدنايا إلى جانب شقيقاتها السورية ليست مجرد سجون عادية، بل هي أنظمة متكاملة صُمّمت لتكون أداة للقمع والترهيب والقتل والتجويع.
تروي السجون السورية قصة شعب مع نظام دكتاتوري عاشها الشعب السوري مع نظام بائد فاقد للأهلية والشرعية وتعامله الفض الوحشي وغير أخلاقي في إجراءات اعتقالات الأشخاص لدى معتقلاته دون وجه حق.
البطاينة لم يدفع ثمن عمرا ذهب هباء منثورا وحيدا مقهورا، بل وجد فاقدا للوعي والذاكرة، وهو من مواليد عام 1968، اختفى منذ عام 1986، وكان عمره 18 عاما، وبقي في سجن صيدنايا 38 عاما الذي تفيد منظمات غير حكومية انه كان يشهد عمليات تعذيب واسعة.
عدد الأردنيين المعتقلين في السجون السورية يبلغ 236 معتقلا، غالبيتهم نزلاء في سجن صيدنايا وكانوا في عداد المفقودين، ومع إعلان فصائل المعارضة إسقاط الرئيس بشار الأسد ونظامه الذي حكم سوريا بيد من حديد طيلة عقود، تتوجه الأنظار إلى سجون ومراكز اعتقال في دمشق ومحيطها، شهدت وفق معتقلين سابقين ومنظمات حقوقية أسوأ أنواع التعذيب وممارسات لا يتقبلها العقل البشري وبتعذيب لا يخطر على بال انس ولا جان.
المفرج عنه بعد سقوط هذا النظام المجرم يمثل حالة من الآلاف الحالات التي سجنت بهتانا وزورا دون أن يوجه لها أي تهمة مشروعة.
ليس من الغريب على هذا النظام البائد في تعامله مع المعتقلين وقد فعلها عنوة وجبروت مع أبناء الشعب السوري متجاوزا كل الحدود الدنيا في الأخلاق والإنسانية التي تحفظ حقوق المساجين..كيف لا وقد نكل وقتل وشرد واغتصب ..فهناك مئات الأطفال والنساء قبعن تحت جبروت هذا الوحش لمدد زمنية طويلة ومنهم من غاب من ذاكرة المكان والزمان..وظن الأهل بانه لا تلاقيا ليتفاجأ بعض الأسر بان ابنائهم المفقودين كانوا رهنا لسلاسل التعذيب والتجويع والاهانة في هذه السجون التي اعيت الخبراء في العالم بطريقة بنائها وسراديبها واقفالها التي لم تفتح الا بإرادة شعب عشق الحياة والحرية.
قصص مدمية وحكايات تورق القلب وتفطره وتترك العقل تائها من هول ما سمعنا وتابعنا بذهول وصمت غلب الفكر والخيال سجون لا مثيل لها تدلل على مدى وحشية هذا النظام البائد وسياسة تعامله مع كل من يعارضه أو يفكر في النظر اليه دون اذعان وطوع أعمى.
واليوم، وبعد عقود من الاعتقال والظروف القاسية، يظل إطلاق سراح المعتقلين علامة على الصمود والأمل في ظل قمع النظام السوري المنهار، ويعكس معاناة العائلات السورية التي تفقد ذويها في السجون وتعيش في انتظار معرفة مصيرهم..