د. راكز الزعارير
إن شأن بقاء او استقالة الحكومة هو حق دستوري لجلالة الملك مثلما ان حل البرلمان وإجراء انتخابات نيابية هو ايضا حق دستوري لجلالته له حق التصرف والتقييم لما تقتضيه الحال في التأجيل او التقديم لفترات حددتها صلاحيات جلالته الدستورية.
حكومة دولة الدكتور عمر الرزاز أنهت عمرها الافتراضي بعد ان صارعت في البقاء لمدة عامين خلفت فيها حكومة د. هاني الملقي في ظروف استثنائية كان للشعب الاردني دور كبير في اقناع جلالة الملك بتغير حكومة الملقي، واختيار الرزاز لقيادة الحكومة في ظل عواصف من الازمات الداخلية والإقليمية والدولية.
الرئيس الرزاز تمتع بشخصية ذات كاريزما مقنعة للشعب الاردني تصدرتها نظافة يد الرجل في العمل العام ومعاداته الصادقة للفساد ونجاحه في قيادة وزارة التربية والتعليم، ثم دماثته الشخصية القريبة من المواطن الاردني وتفهمه لمعاناته.
برغم هذه الصفات الشخصية للرئيس الا انه اخفق في إقناع الشارع الاردني بمعظم تشكيلة حكومته الوزارية خاصة وانه أعاد اكثر من نصف وزراء حكومة الملقي الى فريقه الوزاري، الامر الذي رسخ القناعة لدى الرأي العام الاردني ان التغيير شمل فقط شخص الرئيس وأسلوب خطابه مع الاردنيين واستثمار الشعبية التي حظي بها اثناء عمله وزيرا للتربية، وهذا ما اكدته نتائج استطلاع الرأي العام الاردني الذي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية بعد التشكيل مباشرة، حيث حصل الرئيس على ثقة 69 ٪ من المواطنين الاردنيين، وهو اعلى رئيس يحصل على هذه الثقة من رؤساء الحكومات منذ العام 1992.
لكن بعد المائة يوم الأولى على تشكيل الحكومة بدأت إخفاقاتها تتوالى وتتعاظم في إدارتها للشأن الداخلي على مختلف المستويات، باعتبار ان الشأن الخارجي في الاردن لا تديره الحكومة الحالية او سابقاتها ويقوده جلالة الملك شخصيا يساعده في ذلك وزير الخارجية ومدير المخابرات العامة، وذلك لأسباب موضوعية ومقنعة للشعب الاردني خاصة فيما يتعلق بالتطورات على القضية الفلسطينية.
بسبب الإخفاقات التي هددت حكومة الرزاز بالتغيير اضطر الرئيس لإجراء أربعة تعديلات على الحكومة في محاولة لترقيع مواطن الخلل، لكن دون تطورات ملموسة على مستوى الاداء والإقناع او ايجاد حلول مقنعة للازمة الاقتصادية والمعيشية والبطالة في الاردن، وكان توجيه جلالة الملك في بداية شهر آذار الماضي بالاستعداد لإجراء الاستحقاق الدستوري بإجراء الانتخابات النيابية هذا الصيف مؤشرا بانتهاء الفترة الدستورية لحكومة الرزاز ورحيلها مع مجلس النواب، وحظي توجيه الملك بتفاؤل وبتأييد واسع النطاق لدى كافة الأوساط الاردنية.
أزمة كورونا كانت الروح الجديدة للحكومة والبرلمان، وأدت الحكومة دورها بنجاح كبير في ادارة الأزمة على المستوى الصحي، وإخفاقات وتخبط بعض الوزراء في ادارة الشأن الاقتصادي، الامر الذي أثار تكهنات في التمديد او بقاء الحكومة، وجاءت خلوة الحكومة الاخيرة لإثارة مزيد من إرباك الشارع الاردني خاصة فيما يتعلق بالاستحقاق الدستوري والانتخابات ودستورية بقاء اوتغيير الحكومة.
التقييم الموضوعي لعقد الخلوة الحكومية او عدة خلوات اخرى هي احدى وسائل الحكومة لإدارة الشؤون الداخلية ومناقشة الأولويات والاستراتيجيات على المديين القصير والمتوسط التي يجب على الحكومة الاستمرار بها، بغض النظر عن بقائها او عدمه، وعلى الحكومة التي واجهت الأزمة تسليم ملفاتها بشكل مؤسسي لخليفتها في الدوار الرابع لغايات المتابعة وهو اقل ما يجب القيام به في دولة المؤسسات.
الرأي العام الاردني ينتظر الحسم من جلالة الملك في ظل الوضع الصحي المثالي حتى الآن ولأشهر قادمة ان شاء الله في الاردن كما أعلنت اللجنة الوطنية للاؤبئة امس، الامر الذي بات لا يبرر عدم اجراء انتخابات نيابية هذا الصيف، وما يتبع ذلك من استحقاقات دستورية يؤكد دائما وأبدا جلالته على التزامه بها.