عروب السويلم
ما وراء مشكلة غلاء المهور؟
يعتبر الزواج اساس من اساسيات الحياة فيه نحقق السكينة والامان والاستقرار والطمأنينة والمحبة والمودة من كلا الطرفين. ومن المستحب لدى معظم الناس التيسير في الزواج والبساطة والرضا فيه، ولكن ما ظهر في هذه الايام من غلاء المهور ومتطلبات الزفاف، مشكلة جعلت مجتمعنا يعيش القلق والخوف منها ومن اثارها السلبية على المجتمع.
وقال الدكتور محمد ربابعة من كلية الشريعة في جامعة اليرموك ان الله سبحانه وتعالى حث الناس على الزواج والانجاب وذلك لتحقيق عمارة الارض والاستخلاف فيها، وهذه سنة كونية ارادها الله سبحانه وتعالى ولاجل ذلك فإن الرجل يحث على البحث عن الزوجة بداوفع لاشك فطرية ودوافع غريزية ودوافع شرعية ايضا، فالدافع الفطري والغريزي رغبته في الطرف الثاني والدافع الشرعي ان الله سبحانه وتعالى امره بالاستخلاف وذلك لا يكون الا بالذرية.
واكد الربابعة ان هناك معوقات ومن اعظمها التي اصبحت اليوم مشكلة في كثير من المجتمعات سيما المجتمع الاردني وهو غلاء المهور، وهي حقيقة عقبة خطيرة ينبغي تشخيصها والوقوف على اسبابها ودوافعها وعواملها وطرق علاجها واثرها على المجتمع والاسرة، وموضوع ارتفاع المهور اصبح من العوامل الرئيسة الدافعة لها التباهي والتفاخر بين الاسر ففلان يقول “ان ابنة فلان تزوجت بمهر كذا فهي ليست افضل ولا اشرف من ابنتي، وكذلك ابنتي ليست اقل حظا ولا اقل من ابنة فلان”. والامر الثاني الطبقية الاجتماعية في المجتمع وهي سبب من اسباب المهور، والامر الثالث غياب الوعي الحقيقي لدى الاسر ظنا منهم الى ان غلاء المهور يؤدي الى حفظ الزوجة وحفظ الابنة فهى الاسعد حظا عند زوجها وهذا حقيقة سببه الرئيسي غياب الوعي وغياب الايمان عند هذا الشخص سيما اذا نظرنا الى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقول (اكثرهن بركة اقلهن مهورا).
ومن الدوافع ايضا للمغالاة في المهور غياب الايمان الحقيقي وغياب الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ومنهج الصالحين الذين سبقونا بذلك فكانوا لا يغالون في المهور. وغياب الوعي وظن الكثير من الناس ان غلاء المهور هو الذي يجلب السعادة للفتاة، وهو الذي يربط الرجل بالمرأة، ويجعل لها مكانة عند زوجها فتجد انها معززة مكرمة ويخشى اذا طلقها. والامر الاخر العادات والتقاليد الاجتماعية السائدة وهو ان المباهاة وتلقيد الاخر، وهذا ما كرهه الاسلام للناس فكره ان يكون الانسان مقلدا للاخرين سيما في الامور السلبية مثل المهور
. واوضح الربابعة ان المغالاة في المهور لا تعود على المجتمع وعلى الاسرة وعلى الفرد الا بالسلبيات وانه ليس لها ابدا اي قيمة ايجابية، وانما كلها قيم سلبية. فهي تعود على الفرد خصوصا الزوج والزوجة بحياة تخلو من الاستقرار النفسي وتخلو من الهدوء ومن الطمأنينة سيما ان هذا الزوج ربما استدان لتأمين متطلبات الزواج من ذهب وبيت واثاث ومهر.
فتنقلب الحياة الزوجية من حياة فيها الهنا والمحبة والسكنة والمودة الى حياة هم ومنغصات التفكير في كيفية الحصول على المال لسداد هذا الدين المتراكم وكما قال المثل (الدين هم في الليل وذل في النهار). وقد يضطر الزوج الى العمل كما تضطر الزوجة الى ان تعمل في سبيل تأمين هذا الدين المتراكم عليه وهذا يمنع السكينة والطمانينة التي هي اساس وفلسفة الزواج القائمة عليها.
والامر الثاني ان المغالاة في المهور من اثارها الاجتماعية ان تؤدي لعسوف الشباf عن الزواج وهذا ما نجده الان في المجتمعات من ارتفاع بسن الزواج فاصبحت الفتاة تصل الثلاثين من عمرها ولم تتزوج وكذلك الشاب فقط لانه يفكر بالعقبات المالية التي سيتعرض لها عندما يتقدم لطلب فتاة للزواج. فارتفاع نسبة العنوسة في المجتمع وارتفاع نسبة العزوف عن الزواج في المجتمع يولد مشاكل اجتماعية من العقد النفسية ومن الانحلال الاخلاقي ومن الانحرافات الاخلاقية للفتاة التي لا تجد بيتا تحقق فيه الامومة وتحقق بها حياتها تنضم بها الى اسرة والى زوج وتكوين اسرة سعيدة اكيد سينعكس عليها بحياة نفسية سيئة من الانطواء. وكذلك الشباب اصبح منهم من يسلك مسالك الحرام واللهو وتناول المخدرات والمهدئات فقط لانه لا يمكنه تحقيق رغباته الجنسية المكبوته او رغباته الغريزية نتيجة غلاء المهور
. واضاف الربابعة ان الحل والعلاج بعد هذا التشخيص ان نرجع الى منهج القران الكريم والسنة الشريفة والى منهج النبي صلى الله عليه وسلم الى منهج الصحابة والى منهج السلف الصالح في التعامل مع مثل هذه الامور مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم (اقلكن مهورا اكثركن بركة), والامر الثاني كيف زوج النبي عليه السلام من امهات المسلمين وهن خير النساء وخير من وطأ على الارض كما معلوم ان الرسول عليه السلام خير الرجال ونساءه خير النساء ومع ذلك كن اقل مهورا وزواجه منهن كان بأقل التكاليف، وكذلك بناته من اطهر البنات زوجهن لاطهر الصحابة رضوان الله عليهن وهن من اقل النساء ايضا مهورا وكذلك العلماء والسلف الصالح وخيرة الامة كان زواجهم بمهور قليلة. ولا تخفي الشابة علياء سبب تأخرها بالزواج بعد ان تجاوزت سن الثلاثين، وتقول “تقدم لخطبتي العديد من الشباب ولكن طلبات اهلي حال دون ذلك حيث كانوا يطلبون 10 الف دينار مهرا، بالاضافة الى وجود منزل خاص وتأثيثه كل هذه الامور اصبحت عقبة في طريقي لاجد شريك الحياة”. واضاف الشاب علي “ان راتبي المتواضع الذي لا يتجاوز 400 دينار والظروف الاقتصادية الصعبة ومتطلبات الحياة هما العائق الذي حال دون زواجي حتى الان رغم تجاوزي سن 35” ويلفت ان متطلبات العروس واهلها وتكاليف حفل الزفاف لا يمكن تلبيتها فغالبية الاسر تطلب مهرا عاليا لا يتناسب مع قدراتي المالية المتواضعة.