مصطفى الشبول
عندما جاء أبرهة الأشرم بجيوش جرارة يتقدمها فيل لهدم الكعبة ،وقبل الوصول إلى الكعبة أرسل بكتيبة من جنده ساقت له أموال قريش وغيرها من القبائل ، وكان من بين هذه الأموال مائتي بعير لعبد المطلب كبير قريش وسيدها (جد النبي عليه الصلاة والسلام)،…بعدها بعث أبرهة رسولا إلى مكة يسأل عن سيدها ويبلغه بأن الملك لم يأت لحربهم وإنما جاء لهدم هذا البيت ، فأجاب عبد المطلب الرسول :والله ما نريد حرباً وما لنا بذلك من طاقة …ثم أنطلق عبد المطلب مع الرسول لمحادثة أبرهة ،فلما رآه أبرهة أعظمه وأكرمه…ثم قال أبرهة لترجمانه :قل له ما حاجتك؟ فأجاب : حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي …فلما قال ذلك ،قال أبرهة لترجمانه :قل له : قد كنت أعجبتني حين رأيتك،ثم زهدت فيك حين كلمتني…!!! أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه …فقال عبد المطلب قوله المشهور: إني أنا رب الإبل وإن للبيت رب سيحميه ويمنعك منه ،فهذا بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم عليه السلام … فردّ أبرهة على عبد المطلب أبله، وحدث ما حدث لابرهة الأشرم وجيشه ….
فهذه الحادثة أحببت ذكرها لبعض الأشخاص الذين يقولون ويكتبون لنا لماذا لا نسلط الضوء في كتاباتنا على الفاسدين الذين عاثوا فسادا في البلاد ،والذين هم سبب فساد الأمة ودمارها؟ ….
نقول لهم بأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .. وعندما نكتب عن بعض القضايا الاجتماعية والمخالفات التي نرتكبها ونستهين بفعلها ، إنما هو للبدء بتعديل سلوكياتنا وما هو بداخلنا ..فعندما تبدأ بنفسك وتصلحها أو تحاول إصلاحها أي بمجرد المحاولة تكون قد وصلت إلى بداية الانطلاقة في محاربة الفساد من نفسك ثم بيتك ثم من حولك….
فكيف نطالب بمحاربة الفقر وأغنياء البلد يمنعون الزكاة عن فقرائها؟….وكيف نطالب بالإصلاح والصلاح والواحد منا إذا زعل من أخيه أو جاره يجافيه ولا يكلمه عشرات السنين، وكيف نطلب الصلاح والبعض منا قاطع لرحمه ولا يصله؟…وكيف نطالب بالحقوق والبعض منا يحرم البنات من حقها بالميراث والبعض الآخر يأكل حقوق الناس بأساليب التكييش والنصب والاحتيال…فكما تكونوا يولى عليكم.. وعلى قول المشايخ :شو بطلع أعمال ،بنزل أحول …وانظروا إلى أحوالنا..
فالفساد والفاسدون موجودون في كل مكان وزمان وليس لهم وطن ، حتى بيوتنا لا تخلى منهم، فربما يخرج لك ولد فاسد يخرب البيت على أهله…فالفساد منتشر واجتثاثه صعب ومحاربته واجب ،وهؤلاء الفاسدين سوف يأتي يومهم و يلاقوا عقابهم بالدنيا قبل الآخرة ،….فأفضل المصلحين في العالم هم الذين يبدأون بإصلاح أنفسهم….. فلنبدأ بإصلاح أنفسنا وللبلد رب يحميه.