أحمد القضاه
ان مفهوم الحياة متشعب وكبير، وغير محصور بكلمات معينة دون اخرى، ففي التعريف الاول لها : انها الفترة الزمنية التي تتراوح بين لحظة ولادة الانسان حتى وفاته، وفي تعريف اخر: ان الحياة هي مجمل النشاطات التي يقوم بها الانسان خلال يومياته، وتثبت وجوده على الارض . قال الله تعالى: ( وما الحياة الدنيا الا لعب ولهو وللدار الاخرة خير للذين يتقون افلا تعلمون ) . في هذه الاية يخبر الله تعالى بان هذه الحياة قصيرة، وما الحياة في غالب احوالها الا غرور وباطل، والعمل الصالح للدار الاخرة خير للذين يخشون الله، فيتقون عذابه بطاعته واجتناب معاصيه. والغاية من خلق الانسان عبادته واقامة امره وتحكيم شرعه، فما حاد عن هذه الطريق فقد استحق عقاب الله، ومن امتثل فقد استحق النعيم الذي وعد الله به عباده . الاسلام قد منحنا رخص وتيسيرات، على سبيل المثال امر الله بصيام رمضان ولكنه اسقط الصيام عن المرضى والمسافرين، وايضا سن الله الوضوء بالماء قبل الصلاة لكن اسقط الوضوء اذا كان هناك ضرر في ملامسة الماء.. الاسلام سمح ودعا للاستمتاع بجميع انواع الحياة والطيبات والملذات بشرط الاعتدال ومراعاة الحدود الشرعية . قال الله تعالى: ( يا بنى ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين ) امرنا الله بالعبادة والعمل ايضا، وقد ورد العمل في القران الكريم في ( ٣٧١) موضع بعدة صيغ مختلفة . وقد عمل الانبياء وكان كل منهم له حرفة ومهنه: *مهنة رعي الغنم : وهي المهنة التي عمل بها سيدنا محمد صل الله عليه وسلم والانبياء شعيب ويعقوب واسحاق وموسى عليهم الصلاة والسلام . * مهنة الغزل والنسيج : هي المهنة التي عمل بها سيدنا الياس عليه السلام . * مهنة الحدادة : هي المهنة التي عما بها داود عليه السلام . وقال تعالى: ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) وهذا الامر يشمل عمل الاخرة وعمل الدنيا، فان اعمال الاخرة تحتاج الى ما يعين عليها من الكسب الحلال والقوة على اداء العمل، فالمسلم في حاجة الى ان يعمل بطاعة الله وترك معاصيه، وفي حاجة الى ان يعمل بالكسب الحلال، وما يعنيه على اداء الواجب والاستغناء عما في ايدي الناس .. القدر والنصيب : هو حظ الانسان المكتوب له، فكل ما يجري على العبد فهو بقدر الله تعالى، مكتوب قبل خلق السماوات والارض بخمسين الف سنه..فما شاء الله كان، وما لم يشاء لم يكن، سبحانه، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، وهذا لا يعني ان العبد لا اختيار له، وانه غير مطالب بالاخذ بالاسباب المشروعة، بل الصواب ان العبد مطالب بتحري الخير، وتوقي الشر، والاجتهاد في الاسباب المشروعة . فتاخير الحمل لا دخل لك فيه فلا داعي لتانيب نفسك لان ذلك التاخير لست انت متسببة فيه، ولا تحاسبين عليه، وتاخر الحمل لا يعني ان الله غاضب عليك، او انه لا يستجيب لدعائك، فقد يكون تأخر الحمل لمصلحة او لمصالح لا يعلمها الا الله جل وعلا، وكذلك رفضك وعدم قبولك بالوظائف رغم الخبرات والمؤهلات، وقال الله تعالى : ( وهو الذي يريكم اياته وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر الا من ينب ) وتاخر الزواج قد يكون ابتلاء من الله عز وجل لمن هو راغب فيه، باذل لكل ما فيه وسعه لايجاد من يناسب حاله. اصبر واحتسب واستعن بالله ولا تييأس من رحمته.. واجمل عبارة مطمئنة جدا ( ان الله يخبئك لمن يشبهك) يجب على العبد ان يوقن بان الله عز وجل حكيم في فعله وفي امره، فلا يفعل شيئا الا لحكمة، ولا يامر بشيء الا حكمة، فقد يرى العبد بعض القدر شرا وفي طياته من الحكمة الشيء العجيب. وعن الرضا بالقضاء والقدر والصبر عليه قال الشاعر ابو نواس : ” ليس للانسان الا ما قضى وقدر ليس لمخلوق تدبير بل الله المدبر ” لم تتزوج، لم تتوظف، لم تنجب ؟ مات اخوك، مات ابوك، ماتت امك؟ لم تسافر ؟ خسرت تجارتك؟ ((وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم )) ” من كل شيء اذا ضيعته عوض وما من الله ان ضيعته عوض “” اصبر واحتسب لم يمنعك ولم يحرمك الا خيرا لك ولحكمة ربانية ثق ذلك .. ولو قلبنا قصص القران وصفحات التاريخ او نظرنا الى الواقع لوجدنا من ذلك عبرا وشواهد كثيرة .. -قصة القاء ام موسى لولدها في البحر . – قصة سيدنا يوسف عليه عليه السلام . – قصة الغلام الذي قتله الخضر . قال الله تعالى جل وعلا: (فان مع العسر يسر ان مع العسر يسرا ) بشارة عظيمة، انه كلما وجد عسر وصعوبة، فان اليسر يقارنه ويصاحبه .