د. راكز الزعارير
يشكل الأمن هاجس الدولة الإسرائيلية منذ بداية قيامها، وتقوم نظرية الأمن الإسرائيلية على عدة مبادئ لا يمكنهمالتنازل عنها، لان ذلك يعتبر بالنسبة لهم مساسا ومهددا لوجود الدولة العبرية على أرض فلسطين «أرض الميعادحسب معتقداتهم التلمودية».
أهم هذه المبادئ قائمة على نظرية الردع أمام الفلسطينيين والعالم العربي، بناء جيش «الدفاع» الذي يجب أنيكون بكل الأوقات بحالة تفوق عسكري وتسليحي وتكنولوجيا عسكرية متطورة ومحدثة بشكل مستمر، ليكون متفوقافي هذا المجال على جميع الجيوش العربية
مجتمعة.
والمبدأ الثاني قائم على نظرية التفوق الأمني يعرف بالاستخبارات الهجومية لاختراق الأهداف والاستخباريوالتجسس وما المحددة والمهمة لهم، وخاصة في المجتمع والمنظمات الفلسطينية ثم في دول العالم العربيوالإسلامي وغيرها بمستويات مختلفة.
والثالث هو التحالف مع مع الولايات المتحدة الأميركية لتكون العمق الاستراتيجي بكل أبعاده وخاصة العسكريةوالاقتصادية وتوظيف النفوذ اليهودي واللوبي الصهيوني لحشد الدعم
السياسي بكل أشكاله للدولة الإسرائيلية.
المبدأ الرابع وهو بناء شبكة علاقات دولية قائمة على مبداء التعاطف مع إسرائيل والترويج بأنها مهددة من محيطهاالعربي والإسلامي، الذي لا يؤمن بوجود دولة إسرائيل، وأن وجودها غير مشروع ويشكل رأس حربة للأطماع الغربية
في العالم العربي.
المبداء الخامس والأهم هو زرع الخلافات وتعززيها في العالم العربي وإشغاله بمسائل التآمرات البينية وخلقالصراعات الداخلية والطائفية وتوسيع ذلك مع دول الجوار العربي الإسلامي وخلق ودعم الصراعات الداخلية والطائفية بين التيارات في الدولة الواحدة
والتشكيك بين المكونات الاجتماعية والسياسية وأنظمة الحكم السياسية في دول المنظومة
العربية.
في ظل كل هذه البئية الإقليمية والدولية التي | تراهن عليها نظرية الأمن الإسرائيلي المفقود حتى الآن، إلا أنهاتتجاهل متعمدة أن أهم المبادئ التي يقوم عليها الاستقرار والامن القومي لأي دولة في العالم تبدأ بوقف العدوانوالتعدي على الحقوق المشروعة للشعوب وسلب أراضيهم والتعرض المقدساتهم ومعتقداتهم، وهذا ما تفعلهوتنفذه حكومات
إسرائيل منذ تأسيسها.
لقد نبه وأكد جلالة الملك عبدالله الثاني في معظم لقاءاته مع قادة العالم أن الأمن والاستقرار في منطقتنا لن يتحققإلا باستعادة الشعب الفلسطيني حقه المشروع وإقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وأن تعنتقيادات إسرائيلية في عرقلة وافشال السلام العادل لن تجلب الامن والاستقرار الإسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط،وهذه
الرؤية لجلالة الملك تتقاطع مع معظم قيادات وزعماء العالم، بما في ذلك قيادات اسرائيلية
مرموقة وجاده في عملية سلام عادلة.
في ظل كل هذه المكونات والتناقضات على مستوى القيادات العليا في إسرائيل، ستبقى الدولة العبرية تبحث عنالأمن لشعبها إلى ما لا
نهاية، كمن يبحث عن سراب بقيعة.