عندما انطلقت قاطرة التحديث السياسي بعزيمة ونموذجية، كان الهدف الأساسي هو ترتيب البيت السياسي محليا، وتحديدا في جانبه المتعلّق بالأحزاب، لغايات، بصورة تدعم العمل الحزبي بشكل حقيقي وعملي، على أن يكون الأمر مستندا على أسس قانونية تنظّم فقط، وتدفع باتجاه شرعية كافة الأحزاب وقانونيتها، ليس هذا فحسب، إنما بمنح الأحزاب «كوتا» في مجلس النواب، لتصل منظومة التحديث السياسي بذلك رأس هرم المثالية بالعمل السياسي والحزبي المنظّم، الحر والديمقراطي.
وسارت الأمور نحو منتج سياسي حزبي غاية في النموذجية، والصواب، المتطوّر، والذي أوصل الوطن لانتخابات نزيهة ديمقراطية، ما وُضع بصناديق الاقتراع خرج منها، فكان مجلس النواب الـ 20، نموذجا للتنوع السياسي والتحديث، وصفها مراقبون بأنها حملت مفاجآت بما فيها للإخوان، وفي ذلك تأكيد على جديّة الأردن بتطبيق التحديث السياسي الحقيقي.
ورغم كل هذه المساعي الجادة لوجود ثورة بيضاء للتحديث السياسي، وتغييرات جذرية فيما يخص العمل الحزبي، ليكون واضحا علنيا، وفي الوضوح كل الصواب بأي عمل، إلاّ أن رؤوسا تطل بين الحين والآخر من حفر مظلمة، تريد زعزعة الأمن والاستقرار، تخرج بمؤامرات وسياسات بأجندات غاية في السلبية ضد الوطن، فقد اعتادوا على العيش في الظلام، لا يروق لهم النور، والعمل في وضح الحقيقة والصواب، واضعين خلف ظهورهم كل ما قام به الأردن من خطط للتحديث السياسي وليجعل من الأحزاب تعيش في بيئة صحيّة، والأهم بيئة حيوية ناضجة بتجارب حزبية سياسية وطنية تعمل في وضح النهار!!!.
إصرار غريب تحديدا ممن عرفوا «بجماعة الإخوان المسلمين» على المضي بذات الدرب المجعّد، وذات الطرق الملتوية، رافضين رفضا قاطعا العمل في إطار قانوني، تشريعي، لأنهم يدركون جيدا أن رسائلهم وخطابهم بعيدا كل البُعد عن المصالح الوطنية، حتى في خطاباتهم التي بالمناسبة يصرّون على قولها بصوت مرتفع علّه يغطي على مخططاتهم ومؤامراتهم ضد الوطن، في خطاباتهم يبتعدون عن كل ما من شأنه صون مصالح الوطن وحمايتها، لابسين دور المظلوم، ومسلوب الحقوق، معتمدين على استجداء عواطف بعضا من المواطنين، بلغة استعطافية هشّة، مستندين على العاطفة لتمرير كافة مؤامراتهم.
بعد 15 نيسان، حيث أعلنت دائرة المخابرات العامة عن احباط مخططات كانت تهدف إلى المساس بالأمن الوطني وإثارة الفوضى والتخريب المادي داخل المملكة، والقائها القبض على 16 ضالعا بتلك المخططات التي كانت تتابعها الدائرة بشكل استخباري دقيق منذ العام 2021، بدأت مرحلة جديدة يُمكن القول إنها شعبية الملامح والتفاصيل، فبعدما سمع المواطنون من الضالعين بهذه العملية الخطيرة اعترافهم بأنهم من جماعة الإخوان المسلمين، أصبح مطلبا شعبيا وضع حدّ حاسم وحازم لهذه «الجماعة» التي ما تزال تصرّ على التربّص بأمن الوطن واستقراره، وغابت بذلك وما زلت اتحدث عن قول الشارع غابت أي خيارات بالبقاء، من عدمه، وأصبح قولا واحدا بأن لا تحضر هذه «الجماعة» في المشهد السياسي المحلي بشكل حاسم وحازم، ففي إصرارها على ذات النهج رغم أنها «جماعة محلولة» بقرار قضائي، بات يجعل من إغلاق أبوابها لما لا عودة أمرا حتميا، ومطلبا شعبيا محسوما.
ولا نجافي الحقيقة أن بعد 15 نيسان، سيكون مختلفا حتى في صفوف «الجماعة»، وبدا ذلك واضحا بتفاوت ردود الفعل منها وتصريحات تصدر من أعضائها، ناهيك عن وقف لنشاطاتها، التي كانت تقوم بها، مع العلم بأن لهذه الإجراءات تأكيدات بتورّطها بكل السلبيات التي تُحاك ضد الوطن والتي كان أحدثها المخططات التي أعلنت عنها دائرة المخابرات العامة بعملها البطولي، في كل ذلك اعتراف منها بأنها في مأزق.
بعيدا عن أنصاف الحلول، واقع الحال الذي قاد للمساس بأمن واستقرار الوطن، يحتاج حسما في التعامل مع هذه «الجماعة».