عوض الصقر
يتهيأ الشعب الأمريكي بجميع مكوناته وأعراقه لانتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر القادم لمدة أربع سنوات قادمة ابتداء من مطلع العام القادم.
ويتنافس على هذا المنصب الرئيس الحالي دونالد ترمب وهو جمهوري وغريمه جو بايدن وهو ديمقراطي وكان يشغل منصب نائب الرئيس في عهد الرئيس السابق باراك اوباما.
وخلال فترة الحملة الانتخابية التي بدأت تأخذ مداها، ينظر الناخب الأمريكي في أداء كل مرشح وكفاءته وأهليته لقيادة الولايات المتحدة والعالم خلال المرحلة القادمة.
ما يعنينا في هذا الشأن هو الرئيس الحالي دونالد ترمب، هذه الشخصية المثيرة للجدل والذي يتميز بممارساته العنصرية ومنهجيته الداعمة للكيان الصهيوني بشكل مطلق، والتي بدأها بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس مرورا بتأييده لقانون يهودية الدولة والتوسع في بناء المستوطنات وضم الجولان وأخيرا خطة نتنياهو لضم منطقة الغور الغربي وشمال البحر الميت.
ترمب، ولمواجهة الاحتجاجات وأعمال العنف التي عمت الولايات المتحدة بعد مقتل عدد من ذوي البشرة السوداء في الآونة الأخيرة، وقف أمام كنيسة القديس يوحنا في واشنطن، وهي مقصد صلوات الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين ملوحا بالإنجيل، ما حدى بالقادة الدينيين للتصدي لهذا السلوك وانتقاده.
فقد رفض كبير الأساقفة وأكبر زعيم ديني كاثوليكي في واشنطن ويلتون جريجوري تصرفات ترمب في حين جاءت أقسى الانتقادات من رئيسة قساوسة واشنطن في الكنيسة الأسقفية البروتستانتية ماريان بادي، التي قالت: “ما فعله ترمب تمثيلية، يتناقض مع تعاليم المسيح،” مؤكدة أن “الكنيسة تقف مع مطالب المحتجين في إلغاء العنصرية”.
أما على الصعيد الخارجي فكان ترمب قد شن هجوما لاذعا على الاتحاد الأوروبي، وهو الحليف التقليدي للولايات المتحدة، واعتبره مستفيداً منها من الناحية الأمنية والاقتصادية بدون مقابل. كما وصف حلف شمال الأطلسي الناتو بأنه «عفا عليه الزمن».
وفي وقت سابق كان ترمب قد سخر في تغريداته المشهورة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ومن المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، كما أخرج الولايات المتحدة من معاهدة باريس للمناخ، رغم معارضة جميع مستشاريه ومن بينهم ابنته المدللة إيفانكا.
ويتخوف الأوروبيون من تنازلات قد يقدمها ترمب لروسيا، خصوصاً فيما يتعلق بالوجود العسكري الأميركي على أراضي القارة العجوز ومستقبل المناورات العسكرية المشتركة، الأمر الذي يضع دولاً أخرى مثل أوكرانيا في خطر كبير، خصوصاً مع وجود تكهنات بأن الرئيس ترمب ربما يعترف رسمياً بضم روسيا لجزيرة القرم بالرغم من تبعيتها لأوكرانيا.
وأما عن القارة السمراء، فبحسب صحيفة واشنطن بوست فقد وصف ترمب دول أفريقية وهايتي التي بأنها «أوكار قذرة». حيث ردت الأمم المتحدة على هذه التصريحات بأنها «صادمة ومعيبة وعنصرية».
ولمواجهة هذا الواقع أسس مناهضون لترمب منظمة مجمتع مدني مؤخرا باسم «ناخبون جمهوريون ضد ترمب» (RVAT) وحظيت بزخم كبير خاصة بعد تفجر قضية مقتل جورج فلويد، ومن بينهم وزير الخارجية الأسبق كولن باول ووزير الدفاع السابق جيمس ماتيس معتبرين أن تصرفاته لا تليق بزعيم للولايات المتحدة.
إن هذه هي العنصرية الحقيقية التي يمارسها ترمب والتي تقوم على مبدأ تفوق العرق الانجلوسكسوني البروتستنتي الأبيض المعروف بدعمه المطلق لليهود وعودتهم لأرض الميعاد في فلسطين تمهيدا لعودة المسيح المنتظر بحسب زعمهم.
وبعد، فهل يعيد الناخب الأمريكي ثقته بترمب وينتخبه لفترة رئاسية ثانية أم أنه أصبح لديه الوعي بضرورة التغيير، فترمب، الذي يمارس حركات بهلوانية ويعمل بعقلية رجل الأعمال، لا يصلح لقيادة الولايات المتحدة خلال الأربع سنوات القادمة، وإن غدا لناظره قريب..