مصطفى الشبول
بعدما تعلم كل شيء في هذا المجال، وأخذ متطلبات التخصص كاملة ونجح وتفوّق بها ، بدءًً من حركة فنجان القهوة السادة باليد ، ومروراً بجاهة طلب العروس، إلى أن وصل إلى الكفالة ودق الصدور …
أبو فلاح أو الشيخ أبو فلاح (كما هو معروف في قريته) الرجل الحكيم والمتواضع والذي أنهى خدمته ووصل إلى التقاعد وتفرغ للعمل التطوعي وإصلاح ذات البين (كما يقولون) ، والذي لم يترك مناسبة أو اجتماع أو ندوة أو مجلس آباء ومجلس أمهات أو جاهه عروس أو صلحه إلا وكان على رأس الحضور بدعوة أو بدون دعوة…
أبو فلاح الرجل الطموح وصاحب الرؤيا الثاقبة والرأي السديد ومنذ نعومة أظافره أحب أن يكون شيخاً وأحد وجوه عشيرته وبين ربعه ، فكان من عمر البلوغ يحب أن يحضر الجاهات والعزائم وطلبة العرايس وكان يحفظ كل ما يقال فيها ويدونه ويكتبه في دفتر خاص به ، كما أنه أشترى بعض الكتب التي تتحدث عن الجاهات وحل الخلافات التي حصلت في السابق ، وكان يحب اللباس العربي ، فقد اشترى بمكافئة نهاية الخدمة أربع عباءات بمختلف الألوان، وأثواب لون أبيض حليبي مع أزرار لامعة، وشماغ (البسام) لون أحمر عدد خمسة، وشماغ ابيض (شوره) عدد خمسة أيضاً، وكذلك أشترى عقال (المرعز) بأشكال مختلفة ، كما قام بتكبير ديوان بيته (المضافة) ووضع فيه مهباش ودلال قهوة وكتب على باب بيته منزل الشيخ أبو فلاح، وأشترى مسدس تسعة مع جناد وشبريه … كما قام بعمل عزومه (مناسف على لحم) لوجهاء البلدة ….. من هنا لمع ابو فلاح وصار وتصور …والكل صار يحسب حسابه بأي مناسبة ولازم يكون بكل جاهه ودائماً يمسك رأس الجوفية بالأعراس (وخذ ترحيب وأحلى تحية للشيخ ابو فلاح) …لكن يا فرحه ما تمت فقد صدر قرار ومرسوم حكومي يمنع بموجبه إطلاق لقب شيخ على أشخاص ليسوا بمشايخ وتحت طائلة المسائلة ، فكان هذا القرار صدمة وصفعة لأبو فلاح المسكين الذي ما كان منه إلا أن قام بإهداء جزء من ملابسه (اللي ما لبسها) وتشحيد الجزء الآخر ، وبعدها رجع يلبس اللباس العادي (بنطلون وقميص) ، واكتفى بحضور مناسبات أقاربه وبصفة ضيف فقط … كما أنه قام بإعادة تصغير المضافة وتقسيمها إلى قسمين ، قسم غرفة نوم للأولاد ، وقسم بقاله على الشارع كتب عليها دكان أبو فلاح…
وللعلم، أبو فلاح المرة هاي مش من حارتنا ، من الحارة الغربية ( الحارة الفوقه) …