الاردن تستذكر انتصارات الكرامة
يستذكر الأردنيون بعد غد الأربعاء مناسبة غالية على قلوبهم، ممثلة بالذكرى 50 لمعركة الكرامة المجيدة، التي تجيء محملة بمعاني الانتصار والألق المتجدد.
وكان أبناء الوطن قبل 50 عاما على موعد مع نصر مؤزر في يوم الكرامة، حين هلل الجند وكبروا، فيما كان القائد المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، يحث الشعب والجنود الأبطال على الصمود والنصر.
في ذلك اليوم، استشرف الحسين العظيم، روح الانتصار على العدو في معركة خاضها الجيش العربي الباسل.. جيش الكرامة، ويومها اعتبر أغلى الرجال، يوم الكرامة، “أعز مناسبة وطنية على قلوب الأردنيين”، فربطها بانتصارات الأجداد الفاتحين، وأثنى على الرجال الأبطال وتضحياتهم وانتصاراتهم في الكرامة.
وفي هذا الصدد، يقول العميد الركن المتقاعد حافظ الخصاونة: “في الحادي والعشرين من آذار (مارس) وقبل 50 عاما، شهدت أرض الرباط والمرابطين أعنف المعارك مع عدوٍ متغطرس، امتلك العدة والعتاد، واختال بصلفه وغروره وغطرسته، ورفع أنفه بعد نشوة نكسة حزيران (يونيو) 1967، ليمد جسور وهم وخيال، ويضع سيناريوهات لتوسيع حدود كيانه وتحقيق أحلامه”.
ويضيف الخصاونة: “في تلك الليلة الآذارية، زحفت قوات العدو بصمت بعد اعتداءات على طول جبهتنا الغربية، لم تتوقف منذ حرب العام 1967، بهدف تنفيذ مخططاته، محيطا نفسه بهالة من العنجهية والغرور”.
وتابع: “في الساعة الخامسة من يوم الخميس من الحادي والعشرين من آذار (مارس) 1968، قطع صوت السكون هدير عجلات المجنزرات والشاحنات المدججة، والطائرات المحلقة فوق سماء الكرامة، معلنة بدء هذا اليوم لكل عربي”.
ويضيف “بعد الانتكاسات المتلاحقة للأمة، حاولت قوات الجيش الإسرائيلي السيطرة على الضفة الشرقية، بهدف التحكم بجبال السلط الأبية، لكن أبناء العشائر في قرية الكرامة، التحموا جنبا إلى جنب مع قوات الجيش الأردني الباسل، لصد ذاك العدوان الغاشم الظالم، فلقنوا العدو درسا لا ينسى في فنون القتال ومهارات المناورة بصد أي هجوم، لأنهم يعلمون أن هذا اليوم هو من أجل الكرامة، فكان لهم ما أرادوا، وكانت لهم الرفعة برغم أنف الظالمين”.
ويقول الخصاونة إن “القوات المسلحة تكونت حينها من الفرقة الثانية وسلاح المدفعية، في حين كانت قوات العدو تتكون من ثلاثة ألوية مدرعة، وثلاثة ألوية مشاة محمولة، وكتيبة مظليين، وعدة أسراب من سلاح الجو”.
وزاد: “في هذا اليوم، التحق بقافلة الشهداء الخالدة من قواتنا الباسلة 86 شهيداً، وجرج 108 جنود، ودمرت 13 دبابة و39 آلية مختلفة، أما في صفوف العدو فسقط 250 قتيلاً و450 جريحاً، ودمرت 88 آلية مختلفة، شملت 27 دبابة و18 ناقلة و24 سيارة مسلحة و19 سيارة شحن و7 طائرات مقاتلة”.
وأكد أن هذا اليوم “سيبقى خالداً في قلوب الملايين، لأنه كان من أجل الكرامة”، مبيناً أن “الاعتزاز الهاشمي يبقى متواصلا من خلال الإشادة بتضحيات الجنود الشجعان الذين سطروا يوم عز وفخر للأردن”. من جهته، يقول العميد الركن المتقاعد حسن أبو زيد إن المعركة “جسدت أهمية إرادة الجندي العربي، التي كانت ذات كفاءة عالية وساهمت بفعالية في الحسم العسكري، كما أبرزت أهمية الإعداد المعنوي، حيث كان هذا الإعداد على أكمل وجه، فمعنويات الجيش العربي مرتفعة وكانوا يترقبون يوم الثأر والانتقام من عدوهم، وانتظروا ساعة الصفر بفارغ الصبر للرد على الظلم والاستبداد”.
ويضيف أبو زيد إن “المعركة أبرزت حسن التخطيط والتحضير والتنفيذ الجيد للجيش العربي، وأظهرت أهمية الاستخبارات، إذ لم ينجح العدو بتحقيق عنصر المفاجأة، نظراً لقوة الاستخبارات العسكرية الأردنية، التي كانت تراقب الموقف عن كثب، وتبعث بتقاريرها لذوي الاختصاص، بحيث تمحص وتحلل النتائج، فتنبأت بخبر العدوان الإسرائيلي، ما أعطى فرصة للتجهيز والوقوف في وجهها”. ويؤكد أن الجيش العربي “سطر في معركة الكرامة أروع البطولات والانتصارات، وستظل هذه المعركة الخالدة في زمانها ومكانها منحوتة في ذاكرة الأردنيين، لأنها جعلت من وحدة الدماء التي سالت على أرض فلسطين والأردن، ذكرى عز وفخار، ورمزا لطهر الشهادة في سبيل القضية، التي حمل الهاشميون أمانة الدفاع عنها، مقدمين أروع الأمثلة في التضحية والفداء”. ويختتم قائلا إن “يوم الكرامة كان يوماً أغر في تاريخ العسكرية العربية بشكل عام والأردنية بشكل خاص، أثبت فيه الجندي الأردني قدرته على تحمل الصعاب وانتزاع النصر، وكفاءته في القتال خلال أحلك الظروف”.